جلال محمد

جلال محمد

رجال الساحل يحاورون الحوثي باللغة التي يفهمها

Monday 05 November 2018 الساعة 04:15 pm

ما إن تبدأ الجبهات في التحرك بقوة لوأد فتنة الحوثي، وتتزلزل الأرض من تحت أقدام مسلحيه العقائديين أوالمغرر بهم، حتى تتسابق دعوات السلام، وضرورة وقف العمليات العسكرية، تحت مبرر الخوف على المواطن اليمني وسلامته، وتارة أخرى تحت مبرر الخوف من إغلاق منافذ المساعدات والمجاعات التي تنتظر الإنسان اليمني لمجرد التحرك الفعلي نحو تحريره من قبضة الكهنوت.

ويتناسى العالم أجمع وخصوصاً الرعاة الرسميين "السريين" للسياسات والممارسات الحوثية التي تعربد في اليمن منذ أربعة أعوام، يناسون أن الجوع ما كان له أن ينهش أطفال اليمن وشبابه وشيوخه لولا هذه الطغمة، ما كان للمرض أن يداهم أجساد اليمنيين، صغاراً وكباراً، لولا الإهمال والتدمير الذي طال المؤسسات الصحية والوقائية من قبل الحوثيين وتعمدهم إفراغ المؤسسات من كوادرها المؤهلة وإحلال من كان يحمل شعار الصرخة، ولديه خبرة لا بأس بها في التفخيخ والتلغيم وليس الجراحة والتطعيم.

ولنا أن نتساءل: هل فعلاً العالم يُريد لليمن الاستقرار؟! وهل ينسجم الاستقرار في أي بلد مع وجود من يدمر الدولة ويحرف القوانين وينتهك الدستور، ويحمل السلاح ضد من يعارضه أويخالف توجهه؟!

وهل يعقل أن العالم أعمى لهذا الحد الذي لا يرى ما ترتكبه المليشيات من تكميم للأفواه واغتيال للحرية، وخنق للديمقراطية، وإعدام للقوانين، وامتهان لحقوق الإنسان، واستهتار بالحياة؟! أم أنه مرتاح لما يعتمل في اليمن كونه يسير وفق مخطط عالمي مضر بوحدة وطن وكيان دولة وحياة شعب!!

ألا تُدرك الأمم المتحدة أن نداءها للسلام في ظل جماعة تعتقل من يكتب "منشوراً" ينادي بالسلام أو ثقافة الإخاء والوئام، ونبذ العنف وتراه مجرماً وتزرع في عقول تابعها أن من يتحدث عن وقف الحرب وضرورة السلام وأهمية التعايش أنه عميل خائن وجب اعتقاله وقتله وسحله.. ألا تدرك الأمم المتحدة بأن دعواتها هذه وإن كانت محمودة ظاهرياً إلا أنها لاتجدي نفعاً مع هذه الجماعة التي لا تؤمن إلا بذاتها ولا تتعايش إلا مع أحقادها، وترى أن بقاءها مرهون بزخات الرصاص وتناثر الأشلاء وسفك الدماء!!

إن اليمنيين كشعب عشق السلام وتعايش عقوداً وقروناً بإخاء وسلم، يتقبل كل دعوة للسلام وإنهاء العنف، ولكن عندما تكون هذه الدعوات موجهة لمن يؤمن بالسلام حقاً، أما جماعة الحوثي فالشعب يدرك أن لا سلام ولا أمان ولا تعايش في ظل سلطتهم وعنجهيتهم وفكرهم المستمد من أقصى نقاط التاريخ سوءًا، ويعلم اليمنيون قبل غيرهم أن اللغة الوحيدة التي يفهمها الحوثيون هي لغة "القوة" لغة السلاح فمتى ما انكسروا عسكرياً ودمرت قواهم سيرضخون للسلام مرغمين، وحينها يبدأ مشوار الشعب والحكومة القادمة لمنعهم من استعادة تملك السلاح أو امتهان الناس مهما تذرعوا ومهما تخفوا أو"دغدغوا" مشاعر الناس، فباعتقادي أن الشعب اليمني يعاقب نفسه ويجلد ذاته ألف مرة في اليوم لأنه صدق كذبهم ووعودهم ذات يوم، وأصبح يلطم وجهه على ذلك أكثر من لطميات الحوثي وأسياده في إيران في مهرجان التطبير.

وعن دراية وإيمان ونتيجة عدة تجارب، أصبح الشعب اليمني أكثر وعياً بأن دور الأمم المتحدة ودول كبرى في مجلس الأمن لا يعدو أن يكون عنصراً من عناصر الدعم اللوجستي للحوثيين، وأداة من أدوات بقاء هذه الجماعة، ولذا فقد الشعب ثقته في أن تستطيع الأمم المتحدة أو تلك الدول الضغط على الحوثيين للتخلي عن حلمهم الوهمي بأنهم سوف يحكمون شعباً بأكمله رغماً عنه، وتحثهم على تسليم السلاح والرجوع لرشدهم ومعرفة حجمهم الطبيعي مصانة حقوقهم ومؤدين واجباتهم شأنهم شأن بقية المجتمع اليمني.. ولأن الشعب كما أسلفت، فاقد الثقة في ذلك كله، فالسلام الحقيقي الذي ينتظره اليمنيون لا يمكن أن تأتي به مماطلات الحوثي أو تصريحات المسؤولين الأجانب، بل سوف تصنعه تضحيات الأبطال، ومن بين دخان المعارك وأزيز الرصاص سيضطر الحوثي للخضوع والإنصات لكل صوت ينادي بالسلام.

السلام بلغة السلم وتغليب المصلحة الوطنية لا يمكن أن يقبل به الحوثيون، ورغم كل المحاولات السابقة فشل الجميع في تشجيعه للوصول لسلام الشجعان، وتقديم التنازلات والوصول إلى نقاط التقاء رأفة بالوطن والمواطن، وتغليباً لمصلحة اليمن، لذا وجب على الشعب عبر جيشه ومقاومته فرض السلام بالطريقة التي يفهمها الحوثي، وها هو اليوم يرسم ملامحها في الحديدة وصعدة، ويوماً بعد آخر يتعزز إيمان الشعب بأن فوهات البندقية هي الحل الوحيد للتخلص من عنجهية وصلف الحوثي، فبسلاح الجيش والتفاف الشعب سينكسر الحوثي ويخرس للأبد.

فالتحية كل التحية لرجال اليمن الأشاوس في مختلف ميادين العزة والبطولة والفداء، في جبهات الكفاح والنضال ضد عشاق الماضي، كهنوت الإمامة، عملاء إيران، التحية للصناديد الذين يمرغون أنف الحوثي من ميدي إلى كليو16 ومن نهم إلى الملاجم، وألف تحية لمن وقف بجوار اليمن واليمنيين للتخلص من هذا الظلام الذي يريد أن يغشى بلادنا..