محمد عزان
"صعدة" من مدينة السلام إلى مسيرة الموت الحوثية
كنا في السابق إذا بحثنا في (قوقل) عن (صعدة) ظهرت لنا صور الرّمان والعنب والمعالم الأثرية ومشاهد الأفراح والترانيم الفنية الساحرة.
أما بعد ظهور صرخة الموت ومسيرة الخراب فلا شيء سوى صور المقابر والحرائق والخرائب والألغام ومظاهر التحشيد نحو الهاوية!!
إنها جناية مُوحشة على البلاد وأهلها وأجيالها، وستظل محفورة في ذاكرة أوجاعنا.
من يُفَهِّم المتنبِّعين حقنا أن عالم اليوم يحكمه العقل السياسي النّاجح وقوة الاقتصاد ومهارة التخطيط والإدارة، ولم يعد لهمجية الغَلَبة والسلاح وتهييج العواطف الدينية والعشائرية أية قِيْمة إلّا في المجتمعات المُتَخلفة التي تتبارى في ميادين الموت ويأكل بعضها بعضاً لتُخلص العالم المعاصر من قَرَفِها!
وما قال الله: {مَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ} إلا لأنه فَطَر الإنسان على التّطور المعرفي والتّحول حسب مقتضيات التجربة وما يُسْتَجد من مُكتشفات في الحياة..
والهيبة التي يفرضها الإحسان والرّفق والتواضع، خير من الهيبة التي يفرضها القَمْع والتّرهيب والتّكبُّر.
فالأولى: تتسم بالرضا، وتتطور بشكل طبيعي وتدوم، حتى وإن بدت خفيفة غير لا فتة للانتباه.
والثانية: تتسم بالتَّصَنُّع والنّفاق، وتظهر فجأة وتنعدم فجأة؛ بل وتتحول إلى سخريّة وعداوة واحتقار.
ووحدَهم القابعون في زَنازن التّعصب يظلون في حالة طواف دائم حول أصنامهم الفكرية والعِرقِيّة والجغرافية، ويقيسون صلاح الناس وخيريّة المجتمعات بمقدار القُرب من أوثانهم والبُعد عنها!
وعلينا أن ننظر إلی الديمقراطية الطائفية التي أنتجها خرِّيجو مدرسة الحرس الثوري الإيراني في العراق ولبنان فقد أسّست لفوضى مستمرة.
مر عام بحكومة هزيلة، وعام تعطيل لها، وعام تحضير لها، وعام لتشكيلها.. وهكذا دِيْرِي دِيري.. صراعات وخطابات وبهررة وتحشيد وضجيج إعلامي ومزايدات بالدين والوطن!!
فهل يقع اليمنيون في نفس الدّوامة وبمباركة أمريكية بريطانية؟ أم أن اليمنيين ومعهم محيطهم العربي سيفرضون وضعاً مختلفاً، يعيش فيه الناس سواسية تحت سقف الوطن والدستور؟
وختاماً.. علينا أن لاننسی أن العقلية البريطانية ظلت مهندسة الأزمات المستدامة في المنطقة منذ عهدها الاستعماري، فما تركت منطقة إلا بعد أن أوجدت فيها بؤرة توتّر وصراع، حتى إن معظم أسباب التوتر بين دول المنطقة اليوم هي من مُخلفاتِها.. ومنها التلاعب بالحدود بين بلاد العرب وبلاد فارس وبلاد الأتراك، فضلاً عن فرض إسرائيل على الشرق الأوسط ككيان سياسي غريب!
* من صفحة الكاتب علی (الفيس بوك)