عبدالكريم المدي

عبدالكريم المدي

تابعنى على

من السدعي إلى طارق.. قادة يصنعون أبطالاً وانتصارات

Saturday 29 December 2018 الساعة 07:34 am

بطل من العيار الثقيل، من زمن الكبار، جمهوري متعصب، سبتمبري مخلص، عروبي متمسّك بعروبته وهويته لدرجة كبيرة اسمه العميد عبدالكريم السدعي، قائد ومؤسس اللواء الثالث عروبة، صاحب الانتصارات المدوية في عدة محاور بمحافظة صعدة..

هذا البطل حينما أطلق عليه العديد من المتابعين والعسكريين أبى عبيدة بن الجراح هذا الزمن، لم يكن ذلك من باب المجاملات أو المبالغات، بل هو كذلك حقّا..
فمعظم وأهم صفات النّبل والفروسية والشجاعة المتعارف عليها عند العرب قبل الإسلام وبعده عند تثبيت أركان الدولة الإسلامية والانطلاق نحو الفتوحات، مجتمعة في هذا القائد الشاب المتماهي مع قضية شعبه ووطنه حد تماهي الأرض والزرع مع المطر.

العميد السدعي اختار طريقه وساحة قتاله ومضى في واحدة تقريباً من أصعب الجبهات وأعقدها.. قليل أن تقول عنها جبهة بالغة الخطورة، مزروعة بالألغام كحقل زُرِع بحبات الرز أو القمح.. ناهيك عن تضاريسها الجبلية الوعرة وتعقيدات أخرى لا حصر لها.. تلك هي جبهة الظاهر -حيدان- مران بكل تشعباتها ورمزيتها وتداخلاتها التي لم يلتفت إليها الرجّل أو يتوقف عندها أكثر من توقفه عند كونها تحدياً له وسيواجهه، وعند خارطتها الكارتوجرافية، لوضع الخطط وفهم طبيعة الأرض، وتمييز الأماكن التي تصلح للدفاع، والأماكن التي تصلح للهجوم، بالإضافة إلى معرفة الأماكن الصالحة للاحتماء من النيران، والأماكن المناسبة لحفر الخنادق، وأماكن الاقتحامات والالتفافات على العدو ومواقعه الاستراتيجية واستعادتها.

قرر ابن وصاب ومضى ومعه كوكبة من الفرسان الذين تعاهدوا معه ومع الوطن أنهم لن يتوقفوا إلا وقد زال خطر الحوثية وتدخُّلات فارس ومشاريعها.

وهكذا انطلق القائد السدعي لتحقيق هدفه بكل همة وتواضع.. تتدفق الثورة في عروقه والعروبة في ماء عيونه وكأنها شلالات نياجارا التي تسحق كل من يقف أمامها.. مضى يسحق طغيان الحوثية حاملا سلاحه في الصفوف الأمامية مع رفاقه المقاتلين.. مسطرا معهم بطولات تاريخية استثنائية حرروا من خلالها عشرات الكيلومترات وصولا إلى سوق الملاحيظ ومركز مديرية الظاهر.. ولم يتوقفوا عندها بل واصلوا الزحف السبتمبري المقدس على عدة محاور حتى اقتحموا عقبة مران وحرروها معلنين مرحلة جديدة غيرت المعادلة تماما وفتحت الباب نحو جبال مران المنيعة الشاهقة التي أخذت تُذعن وتتفتت أمام هدير وبسالة هذا القائد ورجالاته الأشاوس الذين لم يفصلهم اليوم عن ضريح الصريع حسين الحوثي إلا ستة كيلو مترات.

لقد كسر السدعي عظام مليشيات الحوثي وحطم اسطورة مران وخرافاتها، ممرغا أنوف الكهنوتيين في التراب في عدد كبير من النزالات والمعارك التي غيرت المعادلة بصورة واضحة.

أعترف لكم بأنني وأنا أشاهد هذا القائد أشعر بالفخر والغبطة معاً، خاصة في ظل التناغم والتجانس الكبير بينه وبين رفاقه الذين يحبونه ويلتفون حوله ويحرصون عليه إلى درجة لا تُصدق، ولعل هذا سر من أسرار القيادة الناجحة.. لكن ورغم كل هذا تجده يفرض عليهم قناعته وفلسفته العسكرية ويتقدم صفوفهم الأمامية في الجبهات مخاطرا بحياته.

وأنا أتأمل العلاقة الوطيدة والحميمية العالية التي تربطه بمقاتليه طار إلى ذهني العميد الركن البطل طارق صالح قائد المقاومة الوطنية (ألوية حراس الجمهورية) الذي يحظى بمحبة غامرة بين صفوف مقاتليه الذين يتفجرون محبة لقائدهم وحيوية عسكرية وطاقات وامكانيات قتالية كبيرة.

يُحدثني أحد أفراد قوات اللواء الثالث عروبة بأنه حصل قبل فترة وأن استعادت مليشيات الحوثي موقعا بعد عقبة مران، بينما كان العميد السدعي في مهمة عسكرية في مواقع أخرى، وحينما بلغه الأمر جن جنونه فعاد على الفور إلى قيادة اللواء والتف حوله مقاتلوه الذين ألقى فيهم محاضرة سريعة رسم من خلالها خطة لاستعادة ذلك الموقع وتحرير عدد من المواقع بعده وبالفعل لم تشرق شمس ذلك اليوم إلا وقد استعاده وحرر أكثر من خمسة جبال ومواقع حاكمة تالية له وخلال تلك المعركة الخاطفة قُتِل أكثر من عشرين عنصرا حوثيا وجُرح العشرات منهم..

أعود وأقول في ظني أن من أسباب نجاح العميد عبدالكريم السدعي -إلى جانب إقدامه وشجاعته- قربه الشديد من رفاق دربه في اللواء من أكبر ضابط إلى أصغر جندي متفهما لنفسياتهم ومشاكلهم ومشاركا بقوة في حلّها.. والحال نفسه تجد جميع المقاتلين يكنون له نفس المشاعر، ويبذلون أرواحهم رخيصة دفاعا عنه، الأمر الذي يشكل تناغما وتفاهما وشعورا متبادلا بالرضا بين القائد من جهة وأفراد وصف وضباط اللواء من جهة ثانية وتلك هي القيادة العسكرية الصحيحة والعصرية.. المعززة بالهم الوطني والإيمان العميق بعدالة القضية التي يُقاتل الجميع لأجلها.

*من صفحة الكاتب علی (الفيس بوك)