حادثة إغلاق المطعم التركي بالعاصمة صنعاء من قبل القيادي في المليشيا الحوثية علي السقاف، والبيان الذي أصدرته المليشيا محاولة تبرير فعلتها، ليست الأولى ولن تكون الأخيرة في سلسلة الأحداث التي تكشف عن (داعشية) الفكر الذي تحمله هذه المليشيا.
سبق للمليشيات الحوثية أن أقدمت على أفعال مماثلة في العاصمة صنعاء، حيث اقتحمت كافيهات واعتدت على نزلائها وأغلقتها بذات الحجج التي أوردها البيان الذي برر للجريمة التي قام بها المدعو السقاف من قبيل أن الاختلاط حرام، وأن ثمة فساداً أخلاقياً... الخ تلك الأباطيل التي تتحجج بها المليشيا.
السقاف وقيادات أخرى في المليشيا سبق وأن أقدمت على طمس صور النساء المرفوعة في إعلانات محلات فساتين النساء، وسبق أن قام مشرفوها باقتحام محلات الانترنت وتهديد أصحابها بحجة أنهم يفسدون الشباب.
خطباء المليشيا كثيراً ما شنوا عمليات هجوم متكرر وانتقادات واسعة لملابس النساء وخروجهن إلى الأسواق، وانتقاد الاختلاط في الكافيهات، بل وتحريم ذلك واعتبارها جرائم يجب أن يعاقب مرتكبوها، بل إن بعضهم ذهب إلى أنها عملية تآمر ممنهجة هدفها تأخير النصر كما زعموا.
هذه الأحداث المتكررة ليست من قبيل الصدفة، وليست مجرد تصرفات فردية كما يحاول بعض النشطاء والمدافعين عن المليشيا تبريرها، والحقيقة التي يحاول هؤلاء إخفاءها أن هذه الممارسات هي نتاج طبيعي لفكر (داعشي) لدى مليشيات الحوثي يرتكز على عملية تربية فكرية دينية شبيهة، إن لم تكن متطابقة تماماً مع التربية الفكرية لتنظيمي داعش والقاعدة وغيرهما من حركات الإسلام السياسي التي تحرم وتجرم ما لا تريده، وتحلل ما تريده، وتمارس عملية تضليل وتدليس فكري وثقافي للعامة خصوصا في مجتمع لا يزال يؤمن بالأعراف والتقاليد البالية ويراها جزءاً من الهوية الدينية والثقافية وهي أمور ما أنزل الله بها من سلطان.
ما حدث في المطعم التركي تصرف يعكس حقيقة العقلية التي تحكم سلوك وممارسات المليشيات الحوثية، وهو سلوك ناتج عن ثقافة وأيديولوجية داعشية بحتة، والأخطر من ذلك أن هذه الممارسات تتم كمحاولة جس نبض لردود فعل الناس والمجتمع عليها.
وما محاولة بعض الناشطين والمدافعين عن المليشيا والذين يبررون هذه الداعشية سوى مجرد ذر للرماد على العيون والبديهية التي يدركها الجميع أن مليشيا الحوثي لو تمكنت من الحكم والسيطرة واستتب لها الأمر بشكل كامل لقامت بأكثر مما قامت به داعش والقاعدة والنصرة والشباب المسلم وبوكو حرام... وغيرها من حركات التطرف والتفكير والإرهاب فيما يتعلق بقضايا الانتهاك للحريات الشخصية، ولكل شيء له علاقة بالمواطن وحقوقه التي كفلها الشرع والدستور والقانون انطلاقاً من فكرها العفن القائم على مزعوم الحق الإلهي.
إن مواجهة داعشية الحوثي تتطلب إدراك مخاطر فكرها على مستقبل الثقافة والوعي والفكر واستيعاب حقيقة أن الجميع مسؤولون دون استثناء على مجابهة هذا الفكر بشتى الوسائل وفي مقدمها الجانب الفكري والتحليلي، وفضح وتعرية هذا الزيف والتدليس والكذب والتخلف الذي تحاول المليشيا الحوثية أن تحكم به عقول الناس وتسيطر به على حياتهم وتحولهم إلى مجرد أدوات وقطعان تقودهم حيث شاءت وكيفما شاءت.