فكري قاسم
انتبهوا على أجحاركم مرة وعلى رؤوسكم مرتين!
الطريقة التقليدية لتربية اليمنيين لأبنائهم الصغار تقوم على قاعدة "أوبه على جحرك" باعتبارها أهم وصية للسير في طريق الرجولة، ونادراً ما تلاقي واحد يربي عياله على قاعدة "أوبه على جحرك مرة وعلى راسك مرتين"، الأمر الذي يجعل أولادنا يكبرون وهم مُنتبهين لأجحارهم وتاركين رؤوسهم وأدمغتهم مفتوحة لعيال السوق.
ومع الوقت أصبح لدينا بفضل تلك التربية الناقصة جيل منتبهين جيداً على أجحارهم لكن رؤوسهم مغتصبة، وأفكارهم ممحونة، وإراداتهم سليبة، ويعيشون حياتهم اليومية بدوافع عدائية تجاه الآخر تحت مبررات سياسية ودينية ومناطقية وطائفية ومذهبية وسلالية أنتجت لنا كل هذا "الخُنث" الحاصل في حياتنا اليومية كشعب واحد يتناحر أبناؤه على كل شيء ويتقاتلون في سبيل عفة مغلوطة وأفكار بالية لا تبني وطنا ولا تحافظ على جحر الدولة، الأمر الذي جعل من اليمن بلاد........!
يمكنك أن تضع مكان الفراغ العبارة التي تناسب التوصيف الدقيق لما هو حاصل في بلادنا الحبيبة من سفالات نتيجة تلك التربية التي رافقت تفكير جيل من الشبان الذين عاشوا منتبهين لأجحارهم وسلموا بعفوية رؤوسهم لجماعات سوقية عبأتها بأفكار عقيمة جعلت من اليمن السعيد بلاداً تعيش في جحر الحمار الداخلي.
نصيحتي لكم أيها الآباء الموقرين، انتبهوا لرؤوس أبنائكم وفتشوها باستمرار، لأن هناك من يغتصب أفكارهم ويلوط بها دون أن تشعروا، وأحيانا يتم ذلك بموافقتكم وبتشجيع منكم وفي ضنكم أن أولادكم يسيرون في الطريق الصحيح ويتعلمون من تلك الجماعات المتطرفة أشياء لها علاقة بالسلوك الحسن وخدمة الله والدين والوطن، وهم في حقيقة الحال شبان أبرياء يتلقون أفكارا مدمرة للحياة وللسمعة، ويسببون لكم ولأنفسهم ولمجتمعهم ولبلادهم الويل والخسران والتعاسة المستمرة.
ويفترض بكم من الآن وصاعداً أن تقولوا لأبنائكم وهم يخرجون إلى الشارع أن ينتبهوا لأجحارهم مرة، وأن ينتبهوا على رؤسهم وعقولهم مرتين، لأن عيال السوق موجودون في كل مكان، ويكفي أن نشاهد حال بلادنا وكيف أصبحت الآن بسبب تلك الأفكار التي دمرت التعايش بين اليمنيين لنعرف جيداً أن للخُنث أشكال كثيرة بينها الحروب الطائفية والمذهبية والعرقية، وهذا بحد ذاته أكبر طريق مؤد إلى الرذيلة والانحراف.