مروان الجوبعي

مروان الجوبعي

تابعنى على

النزعات العنصرية والمناطقية

Sunday 13 January 2019 الساعة 06:52 pm

للأسف، سنعيد موضوع الأخفش ثاني وثالث ورابع، والتعامل مع هذا الموضوع على أساس أنه موضوع تافه ولا يستحق الوقوف عنده.

أعتقد هذا نوع من الاستخفاف؛ لأن القضية تتعلق بأهم القضايا التي نواجهها اليوم في اليمن، وهي السلوك العنصري والمناطقي.

لمجرد أن الأخفش ذكر اسم إب أثناء نقاش عفوي، تحديداً أصحاب "الزلط" من أبناء إب الذين يتولون المناصب بالجالية اليمنية في أمريكا ويتعاملون بعنصرية مع الآخرين أو الأقليات من أبناء المناطق الأخرى، لمجرد أن أثار هذه القضية قامت الدنيا ولم تقعد إلى أن أجبروه على الاعتذار.

تعرض الأخفش لكل البذاءات والشتائم والألفاظ العنصرية، ليس من بسطاء الناس وحسب -لأن ردة فعلهم عفوية ويمكن تفهمها- لكن أقصد هنا قطعان المثقفين الذين وجهوا إليه أبشع وأقذر الألفاظ العنصرية، وكانوا يكررون الإشارة إلى ذنبه الوحيد كونه ولد في أسرة هاشمية، فهذه جريمة بالنسبة لهم، وهذا يلغي حقه بإبداء رأي أو نقاش ظاهرة اجتماعية أو انتقاد الآخرين على سلوكهم العنصري.

كما حدث أيضاً مع إحدى أبرز نشطاء الجنوب رغم شراسة عدائها للحوثيين ومنطقها السليم جردوها من حق النقد لأنها تنتمي إلى أسرة هاشمية وأطلقوا العنان لفظاعتهم وقالوا فيها أبشع الألفاظ العنصرية.

لا يعنيني شخص الأخفش لأنه بالأخير جزء من هذه الثقافة، وربما سنجده غداً يصطف إلى جانب من مارسوا العنصرية ضده اليوم، وحينها سيوجهون معاً أبشع الألفاظ العنصرية ضد منطقة أخرى قد تكون تعز أو الحديدة أو الجنوب، تحت أي ذريعة كانت!

إذن، المشكلة هي بالنزعة العنصرية في ردة الفعل ومحاربة العنصرية بالعنصرية المضادة وجعل لغة العنصرية والكراهية هي لغة الحوار السائدة بيننا.

اليوم ونحن نعيش في معمعة هذه الحرب التي أرهقتنا جميعاً، تحولنا إلى قطعان مناطقية وطائفية وكل مجموعة توظف إمكانياتها وطاقاتها لممارسة التحريض والعنصرية ضد المنطقة أو الطائفة الأخرى، وهذا الأمر استنزاف لنا جميعاً لا مصلحة لأحد فيها.

لم ولن تنتهي العنصرية لمجرد اعتذار هذا أو ذاك، بل العنصرية وجدت من يدافع عنها ويتبناها لتصبح منهج حياة بالنسبة له، والآن ردة الفعل العنصرية التي نجحت في إجبار شخص ليعتذر ستشجع العنصرية التي شكا منها وأخطأ بأسلوب طرحها المعتذر.

ومن يتفاخر بالانتصار الذي حققه بسلوكه العنصري، عليه أن يدرك أن العنصرية قد توحد أبناء منطقة معينة ضد منطقة أخرى أثناء وجود أزمة، ولكنها غداً متى ما انتهت هذه الأزمة ستتحول ثقافة العنصرية إلى سلوك تتآكل على إثره المنطقة من الداخل وكل قرية فيها تمارس العنصرية ضد الأخرى من نفس المنطقة، والمدني ضد الريفي والريفي ضد المدني وهذه القبيلة ضد الأخرى أو هذه الأسرة ضد الأخرى... وهكذا.

* من صفحة الكاتب علی (الفيس بوك)