عبدالفتاح الصناعي
اصنعوا وطنكم بعيداً عن طرفي الفندقة والتفجير
ليس هناك أكثر بؤساً من بلوى ابتلي بها الشعب اليمني تاريخياً أكثر من بلوته بطرفين.. أحدهما أصبح خبير ندوات فندقية، ثم تطور إلى حياة فندقية كاملة شاملة مع العائلة والأصدقاء، بعيداً كل البُعد عن هموم ومعاناة شعبه.
والآخر خبير تفجير بدأ بتفجير منازل قادة خصومه وتطور إلى تفجير كل شيء، فجر الحياة بكل أبعادها وقيمها رغم بُعدها عن ساحة معركته العسكرية.. أصبح البارود الحوثي يستهدف كل شيء بدون تمييز..
إن ما وصل إليه الحوثي في معركته المرعبة مستهدفاً كل شيء لم يكن أبداً في خيال خصومه الذين استهدفهم واستهدفوه من البدايات الأولى كخصوم حقيقيين، ناهيك عن من كان لديهم أمل بتغيره! ولمن أسرفوا في الأمل بتحوله إلى قوة وطنية! ولمن بالغوا بسذاجة كبيرة بالتعويل عليه كأمل للحلم الوطني والتغيير.. لقد حصدوا جميعاً الخيبات والمرارات وتجلت حقيقية واضحة للجميع بأن الحوثي مشروع للتفجير ولا دخل له بأي تغيير أو قيم وطنية إلا من باب تدمير هذه القيم وتفجيرها..
وأصبح الجميع مذهولا تماما بين مقتول وهارب وأسير بمناطق الحوثي وسجنهم الكبير وحتى في ظل الاستعداد للتنازل عن القيم ومباركة جهود الحوثي في تدميرها فإنه يظل متوجسا من تفجيره الشخصي بأي لحظة شك حوثية فيه.. كما فعل الحوثي بآخرين هكذا.
تعامل الطرفان مع اتفاق السويد كل بطريقته ومهاراته التكتيكية ومنطق احتياجاته وضروراته وطبيعة ظروفه الشخصية واحتياجاته اللازمة.
طرف الفندقة يوافق ويمدد ويواصل انغماساته بالكلام الفندقي والإقامة الفندقية الدائمة مكررا نفس التجربة والأسلوب الذي هدم دولة كانت قائمة..
طرف التفجير كعادته يواصل تفجير الندوات الفندقية ويفجر معها الوطن والحياة بكل معانيها مستغلاً الثغرات والفرص التي يتيحها له طرف الفندقة والتحركات الدولية..
لن يأتي سلام في ندوة أو اتفاق في فندق فخم بعاصمة غربية.. ولن يتحقق الأمل والحلم الوطني من خلال صورة تعبر عن الرومانسية السياسية.. والأطراف التي لا تحسم الحرب لن تصنع السلام ولن تصل إليه بالصدفة، ولا بمحض إرادتها، ولا بالدفع بها من قبل آخرين..
من اعتاد التفجير لن ينقلب بين عشية وضحاها إلى حمامة سلام.. ومن راهن على الحياة الفندقية وندواتها واوهامها وطريقة حياتها لن يحقق نجاحا أو نجازا عمليا على الواقع..
أيها اليمانيون جميعاً.. الذين مازلتم حالمين بوطن لا يعنيكم ولا يفيدكم شيء من تفاصيل مكر وعبث طرفي الفندقة والتفجير.. اتركوهم يخوضون ويلعبون.. يعبثون ويدمرون..
إنهم يريدون أن يصنعوا حتى من ألمنا الوطني وحزننا الاخلاقي والقيمي انتصارا معنويا لهم، ولذا لا تتعمقوا بتفاصيل هؤلاء القوم ولا تخوضوا كثيراً في تعرية تفاصيلهم ولا تستعرضوا شرح الألم أكثر مما ينبغي.. دعوهم فهم مفضوحون أكثر من محاولاتنا فضحهم وتعريتهم..
دعوهم وشأنهم.. وابحثوا عن وطنكم الذي تحلمون به.. وبالأصح اصنعوه بنضال وطني حقيقي وعقل سياسي جديد وقيم أخلاقية حقيقة.. وبقوة نفسية ومعنوية عالية.. تتحلى بالقوة والثبات وتثق بالنصر ولا تستسلم لضعف أو انهزام.
إن طبيعة وخصائص ومقاييس الوطن هو ثمرة لنضالنا وتضحياتنا اليوم في هذه اللحظات الوطنية الحساسة جداً.. وهو اليوم عجينة خام بين ايدينا نعيد صنع عجينته من جديد ونعيد تشكيلته من البداية.. فلنجعلها فرصة لإعادة البناء على أسس صلبة وقوية أكثر من أن نظل نتألم ونصرخ بأن التدمير وصل النهاية وبأن طرفي التدمير ما زالا يعبثان ويدمران، فالفرصة أمامنا لإعادة بناء وطن من جديد.