تتفاقم التداعيات في مدينة الحديدة بشكل سريع جداً، فمنذ أكثر من شهر على اتفاق السويد الذي رعته الأمم المتحدة بين الحكومة اليمنية والمتمردين الحوثيين، لا يلوح في الأفق بصيص أمل للسلام، فكل المؤشرات تؤكد بأن الصراع في اليمن يسير باتجاه نفق مظلم.
مثالية الذين وضعوا سيناريو الاتفاق والقرار 2451 ستكون لها عوقب كارثية، لأنهم بنوا خياراتهم وقراراتهم للحل على أوهام، ولم يكلفوا أنفسهم حتى مجرد محاولة إجراء مقارنة بين تكلفة خياري إغلاق ملف الحديدة عبر الحسم عسكرياً من خلال المقاومة المشتركة أو تبعات اتفاق السويد الذي نسفه الحوثة في عشرة أيام، ولم تجد نفعا كل محاولات الترقيع للاتفاق..
كما أن الاعتقاد بأن الحل سيكون عبر بعثة للمراقبين الدوليين وقرارات مجلس الأمن هو هروب من الاعتراف بفشل الخيار السلمي مع عصابة الحوثي التي لا تؤمن بالسلام والحوار ولا تلتزم بالاتفاقات والعهود، باعتبارها تنفذ أجندة إيرانية في المنطقة..
يبدو واضحا أن الأخذ بخيار اتفاق استوكهولم سيكون أكثر كلفة ودمارا وأطول صراعا، فبقدر ما مثل انقاذاً للمليشيات الحوثية من هزيمة قاتلة، فإنه منحهم فرصة للبقاء في مدينة الحديدة، ولن يكونوا بعد اليوم بمفردهم في المواجهة، بل إنه وبحكم علاقة الحوثة وإيران وحزب الله بالجماعات الإرهابية، سيحشدونها لإشعال حرب جديدة بدعوى مواجهة ما أسماه الخميني (بالشيطان الأكبر)..
إن الحملة التحريضية التي تشنها قيادات الحوثة ضد فريق المراقبين الدوليين والمطالبة بطرد رئيس لجنة تنسيق إعادة الانتشار من الحديدة وأخيرا إطلاق الرصاص على سيارته، تندرج ضمن مخطط لحرب جديدة وليس لعودة السلام لليمن، فالأعمال العدوانية التي يمارسها الحوثة بمدينة الحديدة ومختلف مديريات محافظة الحديدة والتجهيز والإعداد والتحشيد للمقاتلين، كلها تؤكد أنهم يتمسكون بخيار الحرب.
ليست المشكلة في عدد المراقبين الدوليين ولا بتفسير نصوص الاتفاق ولا بمزيد من القرارات الأممية، المشكلة في أن الحوثي يعيش ويكبر ويتضخم على الحروب والدماء والدمار، فقد زايد بشعارات الدفاع عن الوطن من التحالف العربي.. فما بالكم لو دخل في مواجهات مع المجتمع الدولي.. نقول: اختصروا الطريق ودعوا المقاومة المشتركة تغلق ملف الحديدة نهائياً.
اليوم، يعمل الحوثي على نسف الحلول السلمية، مهما حاولتم ومهما تنازلتم، لأنه يعتبرها هزيمة، ولذلك فهو يسعى إلى أن يجر المجتمع الدولي إلى مواجهة معه في الحديدة، فهذا الخيار كفيل بإنقاذه من الهزيمة الحتمية التي يواجهها على أيدي أبطال المقاومة المشتركة، وسيمكنه من خلط الأوراق عبر حشد الإرهابيين من مختلف الدول للقتال إلى جانبه.
اتركوا ملف الحديدة تحسمه المقاومة المشتركة.