سعيد الرَكْنَه

سعيد الرَكْنَه

سادة العيب الأسود وأولياء الانحلال الأخلاقي.

Thursday 31 January 2019 الساعة 08:25 am

لقد مرت اليمن بالكثير من الظروف السيئة والحروب والأزمات الخانقة ظلت فيها جميعاً محافظة على قيمها وأعرافها تعرف حدود العيب وما يجرح العرف وما تنكره الفطرة فلا تتجاوزه أو تقترفه باعتباره عاراً يلحق بصاحبه مدى الحياة.

أما في زمن الحوثي فقد سقط كل ذلك وصار ارتكاب هذه المحرمات العرفية والأخلاقية التي تأنفها الشخصية اليمنية وتصم مقترفها بالعار والشنار وتطلق عليها العيب الأسود سلوكاً تمارسه الدولة وتؤسس له الوحدات الأمنية الخاصة والمقرات الخاصة خارج مؤسسات الدولة.


ودعونا نستعرض بعض تلك السلوكيات وأثرها على المجتمع من خلال إعادة الذاكرة للخلف وتحديداً للممارسات القمعية التي مارستها ميليشات الحوثي ضد المرأة من ضرب واعتداء وسجن وتعذيب واستخدام الأسلحة في المضاهرات ضد المرأة إضافة إلى التشهير والقدح بكل امرأة تناهض مشروع الميليشا السلالي وجرائمها وهو ما يمثل العيب الأسود في أنصع تجلياته.

ولم تخرج المرأة لتعبر عن رأيها إلا لمعرفتها بعدم جرأة الأجهزة الأمنية على الاقتراب منها لما تمثله المرأة من حرمة يجرَّم الاعتداء عليها في نظر المجتمع اليمني وتعامل بكل الطرق والوسائل السلمية بل وتقوم الأجهزة الأمنية بحمايتها كما حدث في أحداث ٢٠١١م وغيرها من الاحتجاجات.

وحين لم تجد الميليشا ذريعة للإعتداء على المرأة خلقت لنفسها الذرائع وبررت لنفسها اقتحام البيوت وانتهاك الحرمات مستغلة ظروف الناس أو لتصفية الحسابات أو للسطو على الممتلكات والابتزاز عبر كيل وتلفيق تهمٍ تمس الشرف وتطعن في أخلاق المجتمع اليمني المحافظ لمن يتم اقتحام بيوتهن أو الوشاية بهن زوراً وبهتاناً من قبل مجندي الحوثي في الأحياء والذين كانوا للأمس القريب من أراذل المجتمع وأصبحوا اليوم هم الآمر الناهي والمتحكم بمصائر الناس ولنا أن نتخيل فداحة تصرفاتهم التي لم تعد مجهولة أو مخفية.

ولأن جل قوة الحوثي ومجنديه من الهوام الذين تم غسل ادمغتهم فأصبحوا قنابل موقوتة تهدد السكينة العامة والأمن المجتمعي فقد كانت النتيجة سريعة التحقق من خلال انتهاك الأعراض لمجرد الاشتباه بما يخالف مناهج وملازم التطرف التي غرستها الميليشات في أذهانهم.

ومن المضحك أن من يدعي محاربة داعش يمارس سلوكياتها في البطش بكل مظاهر الحياة بدعوى تحريم الاختلاط ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل وصل لطمس الوجوه من اللوحات الإعلانية وأبواب محلات فساتين الأعراس وخلع وجوه أصنام العرض في محلات الملابس وهو سلوك داعشي بامتياز وربما يتفوق عليه. 

كل هذه السلوكيات التي مارستها الميليشا ضد المرأة على وجه الخصوص من اعتداء  بالضرب والقذف وتلفيق التهم والسجن والتعذيب في السجون انعكس أثرها على المجتمع فبتنا نسمع عن قتل الزوجات والاغتصتبات والضرب وتقييد أرجلهن كما تابعنا مؤخراً في أكثر من محافظة. إضافة لممارسة كل أنواع العنف التي شرعنتها الميليشا ومارستها أيضاً بصورة فجة تحت راية القداسة والحرام والحلال .

ولم تكن المرأة وحدها ضحية في مناطق السيطرة الحوثية فالأطفال والقاصرات كانوا ضحايا أيضا لهذه الممارسات فلم يزدهر العنف ضد  المرأة والطفل من قبل كما هو الآن في المحافظات الواقعة تحت قبضة الحوثيين بل وصل للقتل والاغتصاب وتعذيب الأبناء والبنات وخطف الأطفال وهي كلها سلوكيات ميليشاوية أو نتائج طبيعية لما أوصلت الناس إليه الميليشا عبر سوء الحياة المعيشية وقطع المرتبات واحتكار الوظيفة العامة فتسببت كل تلك العوامل ببروز الاضطرابات النفسية عند غالبية المجتمع كنتيجة حتمية لانعدام مصادر الدخل وانقطاع الرواتب والبطالة وتدهور الظروف المادية وتفكك الروابط الاجتماعية في زمن الظلم والظلام والجوع فلا يكاد يمر أسبوع وربما يوماً دون أن نسمع عن جريمة هنا أو هناك.

فلقد مارست الميليشا الخطف من خلال التغرير بالقُّصر والمراهقين واستقطابهم لدوراتها الجهادية دون علم أسرهم بما  بشبه سلوك العصابات فتشكلت على غرار ذلك العصابات التي تخطف وتبتز الناس على غرار ممارسات العصابات المسيطرة على الدولة في خطف الناس وابتزاز اسرهم مقابل الأفراج عنهم. 

ولأن سلوك الدولة وفسادها ينعكس على من تحكمهم،
فقد مارست الميليشات العنف ضد المرأة فمارس ضعفاء النفوس في المجتمع العنف ضدها ومارست الميلشيا العنف ضد الاطفال من خلال خطفهم وتجنيدهم فلم يتورع ضعاف النفوس من خطفهم والمتاجرة ببراءتهم،
 ومارس الانقلاب العنف والقتل والتفجير والتهجير ونهب الحقوق والتجويع ضد المجتمع ككل فانعكس ذلك على سلوك المجتمع ضد نفسه وقيمه وأعرافه فانتشرت الجريمة وأصبح العيب الأسود أبيضاً ناصع البياض في زمن الإنقلاب الحوثي الأسود.

وإذا لم يتلافى المجتمع نفسه وتسعى الأجهزة الرسمية ومؤسسات الدولة ممثلة بالشرعية للحد من انتشار ظواهر ومظاهر العنف وتفتت النسيج الاجتماعي والأخلاقي لمجتمع تمارس ضده كل أنواع العنف، ويغذى بكل أنواع التطرف سعياً لطمس ملامحه النقية التي تحترم المرأة وتنبذ كل من يعتدي عليها أو يقدح في شرفها افتراءً ومزايدة لادعاء الفضيلة وحراسة القيم كما يفعل أولياء الشيطان وغلمان الكهنوت فإننا مبشرون بمجتمعٍ متطرف تتفشى فيه الجريمة وتنتهك فيه الحرمات ويحكمه العنف وكل الموبقات التي يصعب علاجها على المدى القريب، ولا سبيل لذلك إلا عبر تحرير البلاد من هذه العصابة المنحلة التي أفسدت الحرث والنسل.