أحمد عبدالرحمن

أحمد عبدالرحمن

تابعنى على

علماء الدين.. لصوص الدنيا والدين

Monday 04 February 2019 الساعة 06:07 pm

خلف كل كارثة سياسية أو مأساة اجتماعية؛ فتشوا دائماً عن علماء الدين، أولئك الذين لا يحركون ساكناً تجاه كل ما له صلة بحياة الناس ومعاناتهم وجوعهم وغذائهم وخبزهم ولقمة عيشهم واحتياجاتهم، أو بتعليمهم ومرضهم وموتهم وقتلهم، أو بمائهم أو ضوئهم...

لا يحركهم موت أسرة كاملة من الجوع؛ كما لا يعنيهم أن يقتل رجل أو امرأة جميع أطفالهم، قبل أن يلحق نفسه/ا بهم لعجزه/ا عن توفير قوتهم اليومي أو تأمين حياة كريمة لهم؛ ولا يحز فيهم أيضاً أن يلقي شخص بجسده من علو لا نجاة منه، أو أن يشنق نفسه منتحراً، بل يعتبرون ذلك دليلاً على ضعف إيمانه وكفره وعدم انصياعه وتقبله لإرادة الله وقدره، ولأنه كذلك لن ينجو من عقاب الله، ومأواه جهنم وبئس المصير!!

إنهم يلومون الفقير على فقره، والجائع على جوعه، ويحضونه على الصبر وتحمل آلام جوعه وفراغ معدته، والاكتفاء بفضلات المتخمين.. والرضا والقناعة بما كتبه الله وإن كان عذاباً لا يمكن تحمله، لأن عدم الرضا عاقبته نار وقودها البسطاء والفقراء والمساكين الذين لا حول لهم ولا قوة!
هل من ترهيب أكثر من ذلك؟!!

يجلدون الفقير إن صرخ: أريد طعاماً لي ولأولادي.. ويباركون المتخمين على تخمتهم...
يدينون المعوز ويرهبونه إذا ما خرج مطالباً بحقه في العيش، ولا يؤاخذون الحاكم على فساده وسرقته، بل ويدعون له بالتوفيق والبقاء وطول العمر وأن يسدد الله خطاه...

يقيمون الدنيا على فقير سرق كسرة خبز ليسد جوعه.. وينالون منه بألسنتهم وسياطهم، قبل أن يقطعوا يده!
ويجعلونه كافراً وزنديقاً إذا ما انتحر!
لكن المسؤول إن سرق الملايين، فهو يأخذ من حقه، ولم يفعل ذلك إلا لخدمة الوطن، ولما فيه مصلحة المسلمين!
هل من انفصام أكثر وأعمق من هذا؟!!

لا تخفى على سحناتهم وأجسامهم وملابسهم مظاهر الغنى والترف ورغد العيش، ويريدون أن يقنعوا المعدمين بأن الفقراء لهم الجنة.. وطالما الأمر كذلك.. لماذا تتركون الجنة للفقراء وتعيشون أغنياء مترفين؟؟ إنه الإيثار أيها الحمقى!!

تماماً كما يفعلون حين يحضون البسطاء والفقراء وأبناءهم على القتال ويدفعون بهم إليه باعتباره أقصر الطرق إلى الجنة.. ويختارون لأنفسهم وأبنائهم أطول الطرق في الحياة إليها..

يعيشون في جنة الحياة.. ويعدون من يعيشون في نارها بجنة في الآخرة!!
وكيف لمن جرب الجحيم أن يخشى النار؟!!

يستفزهم وجه أنثى أو صوتها أو مرافقتها لرجل في الشارع على مرأى من الله والناس، ولا تستفزهم وجوه وأجساد وأيدي وعيون المتسولات الفقيرات في كل الشوارع ليلاً ونهاراً..

يغضبهم الرقص والغناء وتزعجهم أصوات الموسيقى؛ ويروقهم القتل والدمار ويتلذذون بالدماء وتشجيهم أصوات الرصاص ومدافع الأرض وغارات السماء..

هؤلاء الوعاظ أو الفقهاء، كما يقول المفكر "علي الوردي"، "لا يعاقبون الحكام الذين زرعوا بترفهم بذور الزندقة في الناس، وإنما عاقبوا معتنقيها". ويضيف في كتابه "وعاظ السلاطين" أن "فلاسفة التربية الحديثة يشجعون تلاميذهم على الرقص واللعب والضحك، وعلى تعاطي الغرام في وضح النهار، ولسان حالهم يقول: ارقصوا في النور ولا ترقصوا في الظلام. أما وعاظنا فقد أنذروا بعذاب الله كل من يحب أو يرقص حتى ولو كان كالطير.. يرقص مذبوحاً من الألم".

نصبوا أنفسهم وكلاء لله، وجعلوا منهم مدافعين عنه، وتجاهلوا عن عمد أنه الكبير والقوي والقادر والمنتقم والمعز والمذل، وقبل ذلك الرحمن الرحيم...