جلال محمد

جلال محمد

لا وجود للمؤامرة .. نحن أعداء أنفسنا

Sunday 10 February 2019 الساعة 08:49 am

أتابع دوما مشاعر الغبن والقهر والشعور بالتآمر العالمي علي قضايانا العربية، في فترة من حياتي كنت مثل الجموع الكثيرة في هذا الشرق، أؤمن أن العالم كله يجلس في غرفة ما يصنع المكائد ويصنع المستحيل حتى نبقى في ركن الجهل ويعم عالمنا الفوضى وتحكمنا الديكتاتورية و الأنظمة الجاهلة المستبدة العميلة، وتتسلط
علينا القوى الكونية حتى الجان.

نعم كنت مؤمن بكل ذلك حتى وقفت مع نفسي أولا وحاولت أن أفهم الحقائق كما هي لا كما أشبعونا بترهات و أدبيات المؤامرة ..

أولا : ليس مطلوب من العالم أن يعامل العرب معاملة خاصة مدللة.

ثانيا : جل مصائبنا بدأ منا ولو تدخل العالم فغالبا بطلب، أو لأننا ساحة تغري بتدخل وتقاسم وتقسيم الشعوب ووصولها إلي حالة من التشرذم بحيث يصبح العنصر الأجنبي رحمة.

ثالثا : فشلنا في تحديد أهدافنا الواقعية في أي تحرك أو جهة ينبغي المضي و العمل عليها لتحقيق الأهداف المنطقية.

رابعا : نحن عالم نتحرك بعوامل قاتلة ( عنصرية وقبلية وطبقية و 
طائفيه) وكل عنصر منها كاف لتفجير أي تجمع وتفتيت أي وطن ورغم ذلك نصر على تصوير الأمر كنتاج لمؤامرة و نمضي بكل إصرار في إعلاء كل العناصر السابقة وتدعيم ذلك ثقافيا واجتماعيا؛ ثم يتعجب البعض من التدخلات الأجنبية، 
مع أنه وضع لبنات فقدان الانتماء الداخلي ومد رابط لكل مكون ليتعاون مع الشبيه به .

وبالمقابل.. عندما أرى نجاح الأوطان الجديدة ( أمريكا وكندا وأستراليا وأمريكا الجنوبية ) وألحظ كيف استطاع الجميع الانفصال عن عقد الماضي وتعقيداته، فاستطاعوا الريادة في عالم مختلف وتمكنوا من تكوين شجرة جديدة وانتماء قوي.

عندما ندرس السبب الذي يجعل كل مكونات الهجرة تصبح وطن ويفشل وطن طبيعي في أن يكون وطن ، سوف نلحظ أن أهم عنصر هو التركيز على القيم و العامل المشترك 
والعدل والمساواة ( دينك، عرقك، فكرك، ثقافتك) كل ما يخصك شخصيا حقك فيه مكفول، ولكن ليس على حساب الآخر وضده. تصبح الثقافات والألوان والأعراق مصدر ثراء عام لا تهديد.

نعود إلى البداية هل فعلا العالم ضدنا ؟ أم أننا ضد أنفسنا ؟ 
فكر مرة أخرى معي قليلا. 
ماذا سوف يستفيد العالم من توتير عالمنا العربي، 
بعد تفكير وملاحظات وجدت أننا مصدر هم وبؤرة مؤرقة خاصة لدول تستقبل نتيجة مشاكلنا...

نحن في عالمنا العربي، واقعيا نرفض الآخر حتى لو كان بيننا ومن مكونات المنطقة الأصيلة وهذا هو بالذات زرع فينا،طحن كل لغة محلية ،صهر الثقفات المختلفة بحجة أن العربية لغة الدين، التنكر لوجود مجموعات مهمة من الأديان والأعراق يجب أن تكون قادرة على الشعور بالانتماء لوطن يمثلها .

( كلمة عربية لدولة فيها أقليات معتبرة من غير العرب فيه هضم معنوي) كلمة (إسلامية) فيه غمط لحق أقليات غير مسلمة في الوطن

لماذا في عالمنا فقط يجب أن تكون أسماء الدول عرقية ؟ ودينيه ؟ لماذا لا يكون اسم يستظل تحته كل مكونات الوطن بكل بساطة؟