محمد عزان
الحوثيون.. بربرية فريدة فاقت استبداد إسرائيل!
حينما يعجز المتسلطون عن مواجهة المنطق بمثله، فإنهم يلجأون إلى إحدى وسيلتين:
1 - حجب أتباعهم عن سماع ما يقول الآخرون، إما بالتعتيم عليهم، أو بقمع المخالفين وإسكاتهم.
2- إثارة الضوضاء بالشتائم وإطلاق التهم، لعل ذلك يُفقد الناس قدرتهم على التركيز عند القراءة والسماع.
ومن هذا المنطلق {قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ}.
ونعود إلی وثيقة الحوثيين المسماة بـ وثيقة الشرف القبلي، حيث تدعو إلى نشر الفَوضى في أوساط القبائل من خلال إطلاق أيدي أعوانهم في دماء وأموال وأعرض كل من يصفونهم بالعمالة والخيانة من مُخالفيهم.
فقد نصّت على: أن «على القبيلة أو الجهة التي ينتمي إليها العائب (الخائن أو العميل أو المخرب) اتخاذ كل الإجراءات اللازمة ضده مع الجهات الرسمية أو الشعبية».
وبهذا يضربون الناس ببعضهم وفق استراتيجية الإمام أحمد لإخضاع القبائيل بضرب ببعضها ببعض، حتى كان يتبحّج بذلك ويقول:
«ولأضربنّ قبيلة بقبيلة * ولأملأنّ بيوتهن نياحاً»!
إن ذلك يعني شرعَنة الهمجيّة وتحكيم مزاج الأتباع في دماء وأموال وأعراض المواطنين.. فمن قرر الزبانية أنه خائن وعميل فلهم أن ينكّلوا به كيفما شاءوا بمباركة سلطتهم، متجاوزين بذلك شرع الله وقانون البلاد وأعراف القبيلة وقيم الإنسانية!!
إجماع مزعوم
1. قبائل اليمن قد أقرت.
2. يعلن أبناء اليمن كافة.
3. تعلن القبائل اليمن.
4. تطالب القبائل اليمنية.
5. أجمعت قبائل اليمن.
6. تُقر القبائل اليمنية.
7. تلتزم جميع القبائل.
هكذا تكررت عبارات الإجماع والتعميم في وثيقة الحوثيين، لترهيب الداخل وإيهام الخارج بأن كافة أفراد القبائل اليمنية منخرطون في فتنتهم.
إنه -للأسف- كلام عن «الإجماع» و«الاتفاق» و«قاطبة» و«كافة» دون خَجَل من الكذب ولا حياء من الناس!!
وبتأكيدهم على «أن القبائل اليمنية ممثلة فيمن حضر» من أتباعهم، صادروا قرار الملايين من الشعب اليمني!
وهذا ليس مجرد افتراء عَلَني مُشِين؛ بل فيه إهانة للقبائل ومصادرة لمواقفهم وتَجَنّ على أعرافهم.. فضلاً عن اختزالهم فيمن انقاد لهم واستبدل انتماءه إلى القبيلة والوطن بالولاء لحركةٍ ذات أهداف عصبوية خاصة.
وفي بندها الثالث تطلب وثيقة الحوثيين من سُلطة الحوثيين إنزال العقوبات القانونية والشرعية بمن يعارضها أو يهرب من بطشها أو يقرر مقاومتها، على أساس أنهم مشاركون في العدوان على اليمن وداعمون له ومحرضون ومؤيدون!
كما تدعو تلك السلطةُ نفسَها إلى سن قوانين تنص على تجريم معارضيها (باعتبارهم خونة وعملاء) وسلب ممتلكاتهم وتجريدهم من جميع حقوقهم الوطنية والإنسانية، وإباحة دمائهم، حتى بعد أي مصالحة اجتماعية أو تسوية سياسية.
إنها بربرية فريدة في عالمنا المعاصر، حتى إسرائيل لا تتعامل مع الفلسطينيين إلا بأقل من هذه الغطرسة والطغيان!
لا تقل لي: إن المقصود بتلك العقوبات دول التّحالف، ولا حتى جبهات المقاومة المسلحة؛ لأنهم ليسوا تحت هيمنة الحوثيين ولا يحكم فيهم قضاؤه، ولكن المواطنين المحكومين بسلطة الحوثي هم المقصودون.. تحريضاً للموالي، وقمعاً للمخالف، وتخويناً للمحايد، وإرهاباً للمعارض!
* من صفحة الكاتب علی (الفيس بوك)