حين كان إعلام الإخوان في اليمن يعيش مرحلة أبو هريرة وصحيح البخاري، جاء نبيل الصوفي وانتشله من القاع، وذهب به في عالم السياسة، ليؤسّس مدرسة إعلامية أسهمت في جعل إعلام الإصلاح أفضل إنْ لم يكن أقوى إعلام في عهد ديمقراطية الجمهورية اليمنية، واستطاع أن يؤسِّس لمرحلة الإعلام الاليكتروني الإخواني عبر موقع "الصحوة نت"، الذي مثَّل تحولاً في مسار الإعلام اليمني، وفتح الباب أمام منافسة إعلامية مع الحزب الحاكم، آنذاك، المؤتمر الشعبي العام، ثم بقية القوى السياسية.
ورغم ذلك كله لم يقتنع قادة الإخوان، حينها، برؤية الصوفي، لأنهم شعروا أنه بدأ يشذ عن الطريق المرسوم للقطيع الذي يريده القادة، والقائم على السمع والطاعة في المنشط والمَكْرَه، والتنفيذ الذي لا يحوي نقاشاً، ولا يجوز فيه الاعتراض أو النقد، تلميحاً أو تصريحاً.. ولذلك انتهت قصة نبيل مع الإخوان إلى إعلان استقالته من رئاسة تحرير الصحوة، وحينها لم يعجب الإخوان، فأعلنوا أنهم أقالوه.. وبغض النظر عن ما إذا كان استقال أو أقيل، إلا أن القضية أظهرت أن الإصلاح، قيادة ومنهجاً وأسلوباً، يرفض الاعتراف بمبدأ التفكير الحر المنطلق من رفض المسَلَّمات الجاهزة والنظريات المعلبة، خصوصاً تلك المقنعة بالدين والتكفير ورفض الآخر وإلغائه.
والحقيقة أن موقف الإخوان، حينها، من نبيل لم يظهر بشكل جلي، ليس لأنهم كانوا مؤدبين أو على أخلاق، بل لأن وسائل التواصل الاجتماعي يومها لم تكن قد ظهرت، ولذلك ظل نقدهم لنبيل إما تخافتاً، أو عبر نقد يظهر في بعض التصريحات التي اقتصرت، حينها، على بعض القيادات والشخصيات القليلة.. وهو عكس ما حصل بعد ذلك حين انتقل بعمله إلى أسلوب النقد لتفكير من كان يرى فيهم المنقذ للأمة، حيث بدأت ألسنتهم تلوك السوء وتصف الرجل بأقذع الألفاظ، وأظهرت وسائل التواصل الاجتماعي كم أن الجميع كانوا مخدوعين بأخلاق إخوان المسلمين الذين كما قال عنهم مؤسسهم البناء لا هم إخوان ولا هم مسلمون.
ذات الأمر اليوم يتكرر بأسلوب أكثر حدة وأكثر وضوحاً، فها هم ناشطو وإعلاميو الإصلاح يشنون حملة شعواء في وسائط التواصل الاجتماعي ضد نبيل الصوفي، لا لشيء إلا لأنه عرَّى زيفهم وكذبهم وخداعهم للناس وللمجتمع وللوطن ولأنفسهم وهم يدافعون عن مشروع الملشنة ويهدمون الدولة ومؤسساتها كما فعلوا منذ العام 2011م وما قبله وما بعده.
نبيل الصوفي ليس بحاجة للدفاع عنه كشخص، فهو الأقدر على فضح زيف الجماعة التي تربّى في كنفها، ونهل من ثقافتها، وعرف بواطن وعلل تفكيرها وفكرها... لكن المتابع للحملة الشعواء التي تُشن اليوم ضده كصحفي -لأنه وقف ناقداً لجماعة تحاول اختطاف تعز والبلد بأكمله وتقاسمها مع نظيرتها في السوء جماعة الحوثي- يشعر أن الواجب يقتضي الوقوف ضد هذا الفكر المتعفن الذي لا يرى فيمن ينقده أو يعريه سوى شخص يجب إزالته بأي شكل أو أسلوب لعلَّ أقلها هو طريقة الشتائم والسباب التي يمارسونها اليوم بحق الصوفي، بل وبحق كل من ينقدهم أو يعترض عليهم أو يقول لهم أنتم لا تختلفون عن جماعة الحوثي في الفكر والتفكير والتكفير والملشنة وسوء الأسلوب والمنقلب.
سيواصل الإصلاحيون شتائمهم ضد الصوفي، ولكن الأكيد أن مشروعهم المتشابه والمتطابق مع مشروع الحوثيين سيسقط؛ لأنه مشروع مريض، ومشروع ماضٍ يحارب المستقبل ولا يعيش إلا في مستنقع آسن من الصراعات والدماء والدمار.. ولذلك فشتائمهم ستسقط، ومشروعهم سيأفل، وسينتصر من يناضل من أجل يمن فيه الجميع سواسية لا فضل لأحد على آخر إلا بالكفاءة والمواطنة الصالحة.