يجد المتتبع للشأن السياسي اليمني مفاجآت كبيرة، ودوامة أكبر من الخطابات السياسية، التي تصل حد التناقض التام بين ليلة وضحاها لشخص أو لحزب او جماعة ما، وليس بالضرورة أن نجتر الماضي القريب لنقف على كم هائل من القول ونقيضه والفعل وعسكه، فعلى سبيل المثال قامت مليشيا الحوثي منذ سيطرتها على العاصمة صنعاء بإغلاق وتعطيل "البرلمان" الأمر الذي أدى لعدم تمكن النواب من البت في أمر استقالة هادي التي قدمها مطلع 2015، ليكون ذلك الإغلاق الحوثي لمجلس النواب عبارة عن خدمة جليلة لهادي، وبعد أن أعطى الممول الإذن بضرورة عودة البرلمان في صنعاء لممارسة عمله ليتم منح جماعة الكهنوت المتأبطة بالوطن شراً، الشرعية التي تحتاجها لفرض ما تريد فرضه باسم شرعية برلمانية موجودة في صنعاء، قبل ان تعود وتنقلب على البرلمان والبرلمانيين وتمارس عليهم غواية الترغيب وارهاب التهديد والتهميش وتحديد الإقامة الجبرية خصوصا بعد انتفاضة 2 ديسمبر 2017.
من أهم التناقضات التي ساقها الحوثيون للشعب صراخهم سابقاً عندما تنامى لسمعهم ضرورة اقامة انتخابات وتحديد الصف القيادي الأول وفق اختيار الشعب، ورفضهم للحق الدستوري الأصيل، وانقلابهم على ما كانوا يتشدقون به "الشعب، الحرية، الكرامة، الشعب يختار من يحكمه بشفافية".. ونتذكر قائدهم وتابعيهم من الأبواق المؤدلجة والمتمصلحة وهم جميعاً يرددون المرحلة "اقتحامات لا انتخابات" وبقدرة عجيبة في التناقض اقامت صنعاء "سلطات الأمر الواقع" انتخابات تكميلية غير دستورية كما تبرر لملء الشواغر في الدوائر المتوفى نوابها!!
أين ذهب شعار "اقتحامات لا انتخابات" الذي صرعتونا به الله يصرعكم من عنده، والحقيقة الواضحة للجميع ان الحوثي وجماعته ما عاد نفعوا في اقتحامات ولا فلحوا في انتخابات فقط مسخ ولعب وتلاعب وهات يا جنان.
الطرف الثاني هادي وشلة الأنس من برلمانيي الفنادق والنيل والمنيل ومستثمر اسطنبول، جميعهم نسوا البرلمان ووظائفهم الدستورية، وركنوه في الرف اربع سنوات، وبأمر ممولهم أيضا ذكروا، لكن بتوافقات يبدو انها تعيد تحالفات عفى عليها الزمن، وتشبث بفاشل فندقي وشرعية مهاجرة، وبلغة خطاب عقيمة كشفت انهم يعيشون في غيبوبة متوقفين عند زمن ما قبل 2010، غير مستوعبين انهم مغتربون وان لا وطن يملكون ولا دولة حقيقية عليها يتكئون.
الخلاصة التي وجدتها كمواطن يمني ان ما جرى يوم السبت 13 أبريل 2019 هو ضربة مزدوجة لآخر مؤسسة دستورية في اليمن وان كانت معمرة، فالحوثي ينتخب على كيفه ويريد ان يرث تركة المؤتمر، وهادي استنسخ له برلمانا ورئاسة تلبي تطلعاته وحلفائه "علي محسن والاخوان" في البسط على ما تبقى من ارث الرئيس الراحل صالح، وكل ذلك تحت شعار "عملاً بروح الفريق الواحد" بين الحوثي وهادي ويتوسطهم الاخوان طبعاً.