جلال الشرعبي

جلال الشرعبي

تابعنى على

الحرب المدنسة

Thursday 25 April 2019 الساعة 03:37 pm

الحرب التي يقودها تجمع الإصلاح ضد السلفيين في تعز تشبه تلك التي شنها الحوثيون على سلفيي "دماج" في العام 2014.

المعلومات تقول إن مدير مكتب الرئاسة عبدالله العليمي يقف حارس بوابة لمنع أي تغييرات في تعز، حسب طلب المحافظ، وأنه لا يقدم للرئيس إلا وجهة نظر الإصلاح ويحجب ما دونها بتنسيق وتشاور كامل مع النائب علي محسن الأحمر.

واليوم تُرتكب المجازر بعد اجتماع اللجنة الأمنية التابعة للإصلاح وإقرارها اقتحام المدينة القديمة، في تحدٍ للدستور والقانون والرئيس والتحالف الذي قدم المال والسلاح لتحرير تعز وليس لقتل أبنائها.

إن جرد حساب لإنجازات الإصلاح أمام السلفيين في تعز يكشف بوضوح أن الكفة ترجح السلفيين، وأن الأصوات المرتفعة للإصلاح الذي أعاد الكرة باتجاه المدينة القديمة مخلفاً مائة قتيل وجريح، حسب منظمة الصحة العالمية، ليست سوى أصوات طبول فارغة..

الأمر بالنسبة لي ليس غزلاً في السلفيين ونكاية بالإصلاح، فقناعتي أن الجماعات الدينية بشكل عام خطر على الجيش، وتشجيعها ودعمها إفساد للمستقبل وزرع ألغام في طريق الأجيال.

لكن ما أود قوله هنا إن تجمع الإصلاح يفتقر لأي إنجاز عسكري ضد الحوثيين على الأرض في تعز وإن السلفيين الذين حرروا قلعة القاهرة والأمن السياسي والمرور والجامعة ومقر قيادة المحور ومبنى الأمن والشرطة العسكرية والمحافظة وحتى الكمب ما زالوا يتعرضون لفاشية الحشد الشعبي، متناسين الحوثيين في مناطق التماس معهم، بل ودخلوا في هدنة مقابل التفرغ للمعركة ضد السلفيين.

يعاقب الإصلاح السلفيين بفرية تبعيتهم للإمارات، ويعبرون عن غضبهم من الإمارات بالاعتداء والقتل والمضايقات ضد السلفيين في تعز ومأرب وغيرها.

مثلما يعاقب تجمع الإصلاح أبناء الضالع هذه الأيام بالحوثيين الذين فتحوا لهم الجبهات برضا وتنسيق مع الرئيس هادي نكاية بالإمارات والمجلس الانتقالي الذي يراد له أن يسحب قواته من عدن لحماية الضالع.

وهنا أريد أن أسأل القائد الأعلى للقوات المسلحة ووزير الدفاع: أين هي أربعة ألوية عسكرية توجد في كشوف المرتبات للجيش في الضالع؟ وكيف ذابت فجأة، وأصبح الأمر منوطاً بتدخل قوات غيرها لسد الفراغ ومواجهة الحوثيين؟

اللعب بورقة الحرب طمعاً في مكاسب شخصية وأنانية أحال الحرب في اليمن إلى مغنم لتكديس المال والسلاح مقابل استرخاص لدماء اليمنيين.

وبالعودة إلى تعز ففي المرة الأولى عندما أعلنت اللجنة الأمنية برئاسة المحافظ نبيل شمسان الحملة الأمنية طالب قادة الإصلاح ومؤيدوه أن يترك الجميع للمحافظ حرية التصرف وهو قادر على عمل المناسب، وعندما تصعب عليهم إخضاعه لتنفيذ إملاءاتهم لم يعودوا يستسيغون سماع اسمه ولم يعد قادراً العودة من عدن وأعلنوا القتل بالمدينة القديمة مجدداً.

يتظاهر الإصلاح في تعز من أجل الأمن وهم يسيطرون على قيادة المحور وإدارة الأمن العام والشرطة والاستخبارات وثمانية ألوية عسكرية من أصل تسعة ولا أدري ضد من يتظاهر ويهتف في مسيراته.

سلم أبو العباس المربعات والمقرات التي حررها (منتزه صبر والأمن السياسي والمحافظة والشرطة العسكرية ومبنى الأمن وقيادة المحور والجامعة ومكاتب المؤسسات).. وبالمقابل ما الذي سلمه الإصلاح غير أنه أراد الاستحواذ عليها والتمركز فيها ثم مهاجمة آخر مقر لأبي العباس بالمدينة القديمة لاجتثاثه وفرض أمر واقع بالمربعات المحررة.

في نظر تجمع الإصلاح فإن أبو العباس التابعة قواته للواء 35 مدرع إرهابي ويرددون ذلك بشكل أصبح مملاً، وفي هذا انفصام لا يبدع فيه إلا الإصلاح.

إن النظر إلى قضيتين فقط تظهر لنا حالة الانفصام لدى الإصلاح بأوسع صورها:

الأولى: قضية السيادة التي يلوكها تجمع الإصلاح حيثما يشاء ووقت ما يشاء (يرى أن التواجد الإماراتي في سقطرى يمس السيادة والسعودي بالمهرة يكتفي بالتصعيد والاحتجاج ضده وتواجد الاثنين معاً في مأرب وطنية خالصة).

الثانية: النظر إلى الجيش الوطني باعتباره الوحدات التي تتبع أنصاره فيسمون كتائب أبو العباس جماعات إرهابية وأبو العباس مطلوب أمريكياً، وحينما يتعلق الأمر بقادته المدرجين في لوائح الإرهاب يتحول الأمر إلى بطولة وإنكار ووطنية.

حروب الحشد الشعبي المدنسة ضد تعز والوقوف أمام الحوثيين بأدب في مناطق التماس تعطينا مشهداً واضحاً أن معركة الإصلاح لم تعد معركته مع الحوثي.

أتحدى الإصلاح، بكل ما يملك من الجيش والحشد الشعبي، إثبات تحريره لأي مربع بتعز غير ما يمارسه الآن من فنون القتل في المدينة القديمة رغماً عن أنف السلطة المحلية والرئيس والتحالف.

أصوات الإصلاح مرتفعة في تعز، لكن أصوات الطبول ليست أجمل الأصوات..