جلال محمد
عيد العمال في اليمن.. حفر القبور العمل الوحيد المتبقي
في الأول من مايو من كل عام يحتفل العمال في أنحاء العالم بعيدهم السنوي، لكن حال العمال مختلف في اليمن؛ حيث فاقمت الحرب الدائرة منذ أكثر من أربعة أعوام من معاناة هذه الشريحة المهمة، والمسحوقة إثر ذلك.
يكابد العامل اليمني شتى أنواع المعانات في الداخل والخارج أيضاً، ففي الداخل بات الحصول على عمل يومي أو وظيفة خاصة حلماً وأمنية في ظل إغلاق الكثير من المؤسسات التجارية أبوابها أو تقليص عدد موظفيها بسبب الإتاوات المفروضة والنهب المنظم الذي تمارسه جماعة الحوثي الإرهابية في العاصمة صنعاء تجاه التجار والشركات بمسمى "المجهود الحربي" وغيرها من الهرطقات، إضافة لارتفاع الأسعار التي جعلت من أجرة العامل اليمني لا تكفي قوت يومه فكيف بمن يعول؟!
لقد أحالت الحرب السلالية المذهبية التي تقودها الجماعة الحوثية، عددا كبيرا من اليمنيين إلى عاطلين بمن في ذلك الموظفون الحكوميون الذين تقوم بإقصائهم علاوة على نهب رواتبهم لأكثر من عامين ونصف، وقد لا نبالغ إن قلنا إن عيد العمال في صنعاء ومناطق سيطرة الحوثيين لم يعد يحتفل به أحد سوى "المتوكل، المؤيد، الشامي، العماد... الخ" من الأسر الهاشمية السلالية التي تقرصنت على موارد الدولة ووظائفها، ولنكن منصفين فهناك فئة أخرى مازالت تعمل وبصورة غير مسبوقة وهم "حفارو القبور"، فالحفارون هم الوحيدون المضمون شغلهم بشكل يومي في ظل بقاء جماعة الحوثي التي أرسلت اليمنيين للموت وقدمت لهم الفناء ولم يكن لها منجز خلال فترة سيطرتها على الدولة إلا افتتاح المقابر وتزيينها فقط.
أما العامل اليمني في الخارج "المغترب" فهو يعاني مرارة لا تختلف عن العامل العاطل في الداخل، فهو ملزم بدفع اتاوات وغرامات كبيرة ورسوم مضاعفة للكفيل ولمكتب العمل والتأمين الصحي... و... و... الخ من الجبايات المتعددة، ويكافح طيلة السنة ليتمكن من تجديد إقامته، وينتهي به المطاف نهاية العام ليجد أن ما ادخره بعد عناء وكد وكفاح يساوي "صفر" بمعنى أنه بالكاد يوفر لقمة عيشه ومن يعيل فقط، فلا هو الذي نجا من كمد الغربة ولا هو الذي حصل على توفير مالي نظير تعبه وكمده.
يصارع المغترب اليمني وحيداً فلا "شرعية" تهتم ولم تكلف نفسها حتى بتقديم طلب لإعفاء اليمنيين أو التخفيف عنهم في السعودية وغيرها من بلاد المهجر، فالحقيقة أن شرعية الفندق الرخوة لا تعي واجباتها ولا تتحمل مسؤوليتها، فقط يهمها تقديم عرائض الطلبات الشخصية بمبالغ تصب في حساباتهم، أو طلب إضافة عدد من الأسماء للكشوف السابقة، وتوفير غرف فندقية أخرى، لا يهمها المواطن في الداخل أو في الخارج، وتستمر مأساة اليمني موطفا وعاملا أو عاطلا، ويستمر هذا المنكر المرتكب بحقه من جماعة الحوثي أو شرعية الفندق، وفي ظل الصراع الحزبي وحالة التوجس التي يعاني منها كل طرف تجاه الآخر ستستمر المعاناة ولن نجد صوتا أو إرادة تغير هذا الباطل.
ما دام وسلطة صنعاء السلالية تستحوذ على الوظيفة العامة وتتحصل على إتاوات خيالية من الشركات والتجار والسوق السوداء، والشرعية مغتربة وتتاجر بمأساة الشعب وباسمه تقبض الملايين دون أن تتقدم لاستعادة الدولة، فلنا أن نحصر عيد العمال بهم فقط، عيد "الحوثية والشرعية" العاملة ولتموت اليد البناءة العاملة المستحقة من أبناء الشعب ما دام عبده الملذوع وعبده الدنبوع مرتاحين.