حسابات الحرب والنفط هي المتحكم الرئيس في مجريات الأحداث العالمية عموماً، وما يعتمل في الخليج العربي هذه الأيام من تحشيد للقوة الأمريكية، ولعل راسم السياسات الغربية بشكل عام لن يغفل ضرورة أن تبقى أسعار النفط في حدود معينة، وهذا مطلب عالمي وأمريكي خاص، والحرب في هذه المنطقة سوف ترفع أسعار البترول حكماً.
اذاً من يسعى للحرب؟ هل تسعى إيران للحرب لتضع الجميع أمام أسعار نارية! أم أمريكا لتخضع إيران لإرادتها؟
الحقيقة أن الأمرين صحيحان منطقياً من وجهة نظري، وهناك من يرجح أن الأمر لن يخرج عن حرب خاطفة أمريكياً أو بيد إسرائيل، كضربات جوية مركزة ودقيقة تستهدف المفاعلات النووية ومعامل الأبحاث، إضافة لمواقع تتبع الحرس الثوري الإرهابي، بعدها ستبدأ الاتصالات بواسطة تركية روسية وأوروبية لتجلس إيران لوضع اتفاق جديد، وهذا ما صرح به ترامب مراراً..
ولكن إيران تريدها حرباً في الخليج تحديداً، بمعنى أنها تحدد المسرح وتبحث عن حرب مع أطراف هي تحددهم (بمعنى) أن إيران لم تقترب من أمريكا ولا تبحث عن عداء أمريكا فعلياً ولا تمس مصالحها مباشرة ولكنها من خلال ما يحصل تريد مواجهة مع السعودية والإمارات (لا مع امريكا)
هكذا أقرأ الأمور..
وربما هي تحاول استدراج السعودية أو الامارات لبدء الحرب معها وجرهم الى حرب إقليمية كما حصل مع العراق مثلا (بقيت امريكا في حرب ايران مع العراق في الخليج تؤمن النفط ولم تدخل الحرب).
ورغم تعدد التكهنات، علينا أن ندرك الحقيقة التي أثبتتها لنا تجارب العداء الأمريكي - الإيراني، فالولايات المتحدة ومنذ فضيحة إيران كونترا وصولاً لما يجري اليوم تستخدم إيران مجرد فزاعة بينما تمكن لها ولأذرعها في المنطقة كل سبل البقاء والسيطرة، ولنا فيما يجري في بلادنا اليمن العظة والعبرة لكي نفهم مدى صدقية امريكا ونيتها في تحجيم إيران وأذرعها في المنطقة، فأمريكا إنْ كانت جادة ولديها النية الصريحة للحرب ضد نظام الملالي فلن تفعلها الآن، وهذه حقيقة لا بد أن ندركها تماماً، بل ستنتظر حتى يفعل الحصار فعله، كما حصل مع العراق، فأمريكا لن تدخل في حرب استنزافية كحربها في فيتنام. وهذا نهج الأمريكان منذ الحربين العالميتين الأولى والثانية حين انتظرت حتى أُسْتنْزِفت كل الأطراف ثم اقتحمت المشهد لتحصد النتائج.
وخلاصة الأمر، من وجهة نظري، حول التّوتر في الخليج هو أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تريد حل المشاكل بل تكتفي بإدارتها. فليس من مصلحتها أن تنتفي الحاجة إليها وإلى مظلتها الأمنية. ستسعى إلى إعادة ضبط موازين القوى عن طريق الحصار الاقتصادي.
لن تضرب إيران وستكتفي بخلق توتر وقلق لا غير.