د. ياسين سعيد نعمان

د. ياسين سعيد نعمان

تابعنى على

لا فرق حينما يختبئ الفشل وراء البحث عن "ضحية"

Saturday 25 May 2019 الساعة 01:48 pm

بعد أشهر من المغالبة والضغوط والمحاولات لتمرير مشروعها الخاص بالبركست قدمت السيدة "تيريزا ماي"، هذا اليوم الجمعة، استقالتها من رئاسة حزب المحافظين البريطاني والحكومة مخلفة وراءها أزمة سياسية لم يسبق لبريطانيا أن شهدتها خلال عقود.

بعد استقالة دافيد كاميرون، صاحب الدعوة إلى الاستفتاء على بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي عام 2016، بعد التصويت التاريخي بالخروج والذي لم يكن متوقعاً، نظر إلى تريزا ماي على أنها القاسم المشترك للمحافظين بشقيهم المؤيدين للخروج والداعمين للبقاء، غير أنه مع تزايد حدة المواجهة ببروز حيثيات جديدة بالنسبة للبركست لم تكن متوقعة، بدأت الانشقاقات تتزايد داخل حزب المحافظين، وتعرضت رئيسة الوزراء لاستقاطابات من الطرفين.

غير أن ما يحسب لها هو أنها عملت على أن تكون لها شخصيتها المستقلة ومشروعها الخاص الذي حاولت تسويقه للطرفين وللقوى السياسية عموماً.

الصراع الداخلي لحزب المحافظين لم ينتج موقفاً موحداً إزاء خطة الخروج الأمر الذي أربك العملية برمتها.

وبدلاً من البحث في أصل المشكلة اتجه المتشددون في البركست إلى مطالبة تيريزا ماي بالاستقالة، وظل الضغط بالاستقالة هاجس الباحثين عن زعامة الحزب ورئاسة الحكومة.

أما حزب العمال فقد كان هو الآخر منقسماً، ولم يستطع أن يقدم مشروعاً مقابلاً يستقطب به الانقسامات كما يحدث مع المعارضة في الأنظمة الديمقراطية.

ظل يحرض على رئيسة الوزراء ومشروعها دون أن يقدم البديل، ووظف لإسقاط الحكومة كل ما يستطيع بما في ذلك فهمه الخاطئ للقضية اليمنية من الزاوية التي استخدم فيها بيع السلاح والوضع الإنساني لتصوير القضية على نحو مختلف عن أسبابها وجذرها.

عموماً فإن خروج تيريزا ماي لن يسهم من وجهة نظري في حل المشكلة، قد يعقدها أكثر.

الشيء الذي يراهن عليه المتشددون في حزب المحافظين هو أنهم سيكونون أكثر حرية في إطلاق خطة الخروج بدون اتفاق كخيار وحيد، مع العلم أن القسم الآخر من الحزب برفضون بشدة الخروج بدون اتفاق من الاتحاد الأوروبي، والحقيقة هي أن غياب مشروع واضح للمعارضة جعل المسألة تبدو أكثر تعقيداً.

ولن تجد في تتبع مسار الأحداث فرقاً كبيراً مع ما يحدث في عالمنا المتخلف حينما يفقد السياسيون الحيلة ويكون البديل هو البحث عن ضحية scapegoat.

* سفير اليمن في لندن

- من صفحة الكاتب على (الفيسبوك)