كيف يفقد الإعلام المصداقية ولا يعتمد عليه كمصدر ثقة لأي معلومة أو خبر أو حتى تحليل عقلاني بعيد عن التدليس؟
إذا تعمد الإعلام بأي شكل نشر الأكاذيب وتضليل متابعيه، أو الفجور في الخصومة والتلفيق بشكل مفضوح فسرعان ما يتم كشف الأمر، وبلا وعي تنهار الثقة الحقيقية ويصبح متابعيه يبحثون عن الحقيقة في أماكن أخرى..
يحدثني أحد كبار السن، يقول إنه أيّام حرب مصر مع إسرائيل كان يدرس حينها في لبنان وكان يسمع إذاعة إسرائيل من الراديو رغم التشويش ويردد (بدنا نعرف الحقيقة).
عندما سألته مستغربا "معقول تجد الحقيقة في إذاعة الصهاينة" كان رده بأنه جرب إعلام صوت العرب والطبل والأغاني وخدعته.. أفرحته بنصر وهو هزيمة وصفر رصيدهم الأخلاقي وانعدمت المصداقية".
واليوم وفي واقعنا المعيش نرى الكذب بأم أعيننا ماثلاً في كل شيء من حولنا، والنفاق والتلفيق والتدليس والبهتان شعار كل ناقم لا يتقبل الآخر، معمما له في خطاباته ووسائطه الإعلامية، وهذا أوردهم جميعاً إلى المخازي واعدم الثقة بأغلب ما يصدر عن الإعلام المحلي والعربي الرسمي والمؤدلج، لأنه لا يحترم الحقيقة والمهنية والمصداقية.
إن الصحافة العالمية تعتذر عن أي خبر أو معلومة غير دقيقة وتحاسب المتسبب بها لأن رصيدها الحقيقي (المصداقية)، ولا يمكن أن تعمل مطابخ إعلامية للكذب والفتنة والتدليس..
ينطبق ذلك على الإعلام البديل والجميع يعرف الصادقين ويعرف الإخوان المسلمين، كما يعرف المصادر الموثوقة حقاً، ويتعرف بوضح على مروجي الدعايات ويفهم أسباب الأكاذيب.
علينا أن نتذكر أن المصداقية رصيد لا يمكن ان يعوض، ولنا في إعلام وناشطي الإصلاح خير دليل، فرغم الإمكانيات المهولة التي يوجهونها للإعلام ويسخرونها تسخيرا قذرا لتسفيه العقل المتابع وتحويله إلى آلة للشتم والتشنيع بمن يختلف معهم، إلا أنهم فقدوا قدرتهم التأثيرية بسبب كذبهم وفجورهم، وما إن تذكر معلومة حتى وإن كانت صحيحة نسبيا وتنسب مصدرها لإعلام الإصلاح حتى يكذبك الجميع، وهذه هي النهاية لمن يسقط في وحل العمالة والحقد والكراهية، قد يتعوض كل شيء إلا فقدان المصداقية.