بعد أن تداعت صورة الدولة منذ سنة 2011 وصولاً إلى هيكلة الجيش وتدميره على فترتين، فترة "هادي والإخوان" وفترة "الحوثي"، انتهى مفهوم هيبة الدولة وصولاً إلى ضياعها، و"اغتراب" الصف القيادي الأول الذي يفترض به تمثيل الدولة وبناءها.
منذ 2011 تغير كلّ شيء نحو المجهول بعد أن صار فهم الحرّية والديمقراطية لدى بعض الشخصيات والأحزاب ومكونات المجتمع المدني مطية لتصفية الحسابات في العقول السقيمة ونهجاً لتحقيق حسابات ومصالح ومواقع شخصية لا علاقة لها بمصلحة الوطن وخدمة الشعب. الأمر الذي جعل أغلب أبناء الشعب اليمني الذين تضرروا من هذا الواقع "الهلامي" يبحثون عن أي بصيص لأمل يعيد لهم دولة ونظاماً يحفظ كرامتهم وسيادة وطنهم ونظامهم الجمهوري، خصوصاً في ظل استئثار الأطراف المتصارعة بجزء من القوات العسكرية والأمنية وتطويعها لصالحها، والتجنيد وفق المنظور والأيديولوجيا الحزبية والدينية والمناطقية، ولعل هذا الأمر ما جعل المواطن البسيط يفقد ثقته في كل المكونات المتصارعة مهما تشدقت بالوطنية ورغبتها في بناء دولة ذات هيبة واحترام.
اليوم صار السواد الأعظم من أبناء الشعب يتطلع إلى الدولة المهابة بعد أن انفرط عقدها بل وتمزقها وانتهاء مفهومها خلال السّنوات الأخيرة... الدّولة التي تعلو فيها سيادة القانون فوق الجميع حيث لا ظلم أو حيف أو تمييز، ولا سلالية، دولة يحفظ الرئيس فيها أمانته أمام شعبه، لا يستجدي الأمم المتحدة، ولا يفرض عليه مندوبها ما يتماشى مع مصالح الدول الكبرى، يتطلع الشعب لدولة محترمة محفوظ حقها في تعاملها مع شعبها ومع الدول الأخرى، لا دولة يتبجح سفير دولة ما بقدرته على الضغط وتغيير قناعات رئيسها ويسلبه حق القرار وسيادته في اختيار ما ينفع الوطن والشعب.
والحقيقة لقد لمس الشعب بادرة أسعدته عندما رأى تشكيلات "حراس الجمهورية" والعمالقة والمقاومة المشتركة ذات الانضباط العسكري والحس الوطني والرغبة في تحقيق تطلعات الشعب باستعادة دولته وتقوية هيبتها من ثم يختار الشعب شكلها وطريقة إدارتها.
وما زاد من سعادة الشعب رؤيته لتلك القوات والقيادات التي لم تدخر في سبيل ذلك جهداً أو وقتاً أو دما لتدفع ثمن ذلك تضحيات مئات الشهداء والجرحى الذين سقطوا خلال الفترة الماضية في ميادين الشرف والعزّة والواجب، قبل أن يطعنها من الخلف خنوع هادي، وتهويمات اليماني، ورغبة "آل جابر" في إظهار نجاحه في الملف اليمني الموكل له بصلاحيات كبيرة، طعنة تلقتها تلك القوات وخيبة أمل تعرض لها الشعب، وتنمر مستمر للجماعة الحوثية.
لم يع هادي وفريقه المساعد له في إدارة الدولة أن الشعب يبحث عن دلة تفرض هيبتها، تكسر من يرفع السلاح في وجهها، ويحجب حقها في التصرف الحصري في كل موارد الدولة وامتلاك السلاح. لم يع أن الشعب لا يهمه حجم التضحيات إن كانت ستحقق أمله المنشود، ولكن كما العادة يصر هادي على "طعن" كل وطني، وتدمير كل أمل، مكتفياً بالغربة، ومستمتعاً بطريقة ساديّة بالعذاب الواقع على الشعب وعليه شخصياً
ما زال هادي وفريقه والتحالف يخطبون ود الأمم المتحدة، ويتجاهلون أن يتفهموا تطلعات الشعب بعيداً عن المحاصصات أو الحسابات الشخصية والمصالح الضيقة.
يا هادي، يا تحالف، يا كل العقلاء: الأمم المتحدة لا تبني أوطانا، ولا تعيد دولا، ولا تستمع لشكوى رئيس يشعرها بضعفه سياسياً وميدانياً.
كما أن المراهنة على الفاشلين لا يمكن أن تحصد النجاح، وتحقق الأحلام المنشودة.
الدولة المفقودة في اليمن تعيدها قوة وبأس الرجال وأزيز الرصاص المصبوب على مخطط الشر الحوثي، ويعيد للإخوان المسلمين رشدهم بأن اليمن أعلى وأبقى من فكر مرشدهم. أما غير ذلك فهو عبث واستمرار في فقدان ثقة الشعب يوماً بعد آخر.