بالغ الأشقاء السعوديون في تقدير حجم وتأثير القيادات التي خرجت عن طوع الرئيس السابق قبل عاصفة الحزم وبعدها؛ فاستجابوا لمقترحاتها بتوظيف المؤتمر سياسياً لصالح الرئيس هادي دون الانصياع للنظم التي تحكمه.
وكانت النتيجة أنّهم ظهروا مُجرد أصفار أمام (صالح) لغلبة كارزميته على المزاج الشعبي للمؤتمر، وسيظلون كذلك -مؤتمرياً على الأقل- إذا لم يلتزموا بوصاياه.
ولا يعني هذا التوصيف التقليل من شأنهم، ففيهم أصدقاء أُجلُهم وتركوا بصماتهم في الأعمال التي شغلوها وأفادوا من خلالها المؤتمر والحكومة؛ لكنها الحقيقة المُرّة التي أكدتها الأحداث والتقلبات منذ أزمة 2011.. وكان مُفترضاً بمن يديرون الملف اليمني في قيادة التحالف تفهمها بعد استشهاد صالح، بدلاً من الحرث في بحر، والبحث عن ماء في سراب.
وفي هذا الصدد، كتب لي مؤتمريّ شغوف بحزبه مُعلقاً على مقالي السابق: "المؤتمر يَمُر بمرحلة حرجة قد تُحيله إلى جثة هامدة، كالشرعية التي تَقاسم هادي والحوثيون قتلها، وسعيه الحالي لاستدراج دولة إقليمية كي تُحدد مصير المؤتمر ومستقبله ودوره السياسي، بالمخالفة لنظمه وإرادة غالبية أعضائه، سيؤدي إلى إنهائه، وعزل قطاع عريض من قياداته في الداخل والخارج من حسابات المرحلة القادمة".
وأضيفُ إلى قوله إنّ (هادي) كما أضرّ باليمن من حيث أراد نفعها، سيجعل السعودية خصماً لدوداً لغالبية المؤتمريين بمحاولاته إقناعها تمكينه من ركوب حصان المؤتمر مُتجاهلاً اللوائح والنُظم التي تسوسه. كما أنّ المؤتمر في الظرف الراهن مُحتاج لالتفاف جماهيره حول ميثاقه الجامع، أكثر من حاجته لحبك الدسائس وحياكة المؤامرات والمُتاجرة برئاسته.
وفِي هذا، فقد كان البيان الذي أصدره اجتماع جدة برئاسة الدكتور "ابن دغر" أمس الأول إيجابياً، لجهة تصحيحه الأخطاء السابقة، ودعوته لعدم تجاهل مقررات ونظم المؤتمر، وسيكون مثمراً، إذا لم يكن هدفه دغدغة مشاعر المؤتمريين بذكر محاسن صالح والتأكيد على وصاياه، لتمرير هادي -أو غيره قفزاً- على اللوائح.
والواجب، تعاون قيادات المؤتمر في الداخل والخارج لإنجاح الحوار والاتفاق على رؤية موحدة للمرحلة القادمة ترضي كافة الأطراف، وتُعزز فرض السلام واستقرار اليمن ضمن محيطه العربي. ولن يتأتى ذلك بغير تقوية ارتباطه بقواعده التي في الداخل.
هل سيكررُ المؤتمر تفويت الفرص؟ أم سيختار الطريق الأمثل لاستغلالها، قبل أن يتسع الخرق على المُرقعين.
للأيام حُكمها..