سعيد الرَكْنَه

سعيد الرَكْنَه

أنتم السبب فلا تستغربوا

Friday 26 July 2019 الساعة 10:40 am

لم أستغرب ولا يمكن لعاقل أن يستغرب سلوكيات الانقلاب الإجرامية، لأن مجرد الاستغراب بنظري هو رفع لمستوى توقعاتنا الإيجابية لسلوك هذه الجماعة الفاشية .

قد يستغرب ويُذهل من أمنوا بهذه الجماعة النازية وراهنوا على خير يمكن أن يأتي منها للبلاد والعباد فخيبت ظنونهم في أول منعطف وفتكت بهم قبل غيرهم، 
أو أصحاب الذواكر المثفوبة أو التي اندفعت بحسن ظن أو بسذاجة لتبني موقفها معززة إياه باعتقاد إيجابي أو تجريبي أو بحسٍ تفاؤلي كان ينتظر من هذه العصابة أن تبني دولة أو أن تحترم القوانين والحقوق والحريات مصدقاً لما رفعته
من شعارات إيجابية تم الترويج لها بسذاجة أو بدهاء وبدوافع كيدية من البعض.

كل ذلك تم بتغاض أحمق أو بمعزل عن شعاراتها العقائدية التي أساسها الموت بدءًا بالصرخة وزاملها الشهير " ما نبالي ما نبالي وأجعلوها حرب كبرى عالمية"وليس ختاماً بزاملها "حيا بداعي الموت" وكأن الجميع لا يعلم أنها لن تتوانى عن سفك أنهار من الدم لتحقيق غايتها وهو ما حدث ويحدث.

لم يكن الشيخ " مجاهد قشيرة" مقاتلها وحليفها بألامس أول ضحايا السحل والتنكيل فقد سبق التمثيل والتعزير بجثة القشيبي وعلي عبدالله صالح واعضاء حزبه حليفهم أيضاً وقبلها بخصومهم من الحرب الأولى في صعدة مروراً بدماج وبشركاء الثورة من الأحزاب وفي مقدمتهم الإصلاح إلى حجور وغيرهم .

المختلف أن جرائمها السابقة كانت بعضها بعيداً عن الأضواء والإعلام غير الجريمة الأخيرة الموثقة بالتصوير هذه المرة فالنزق والثقة التي تصرف بها القتلة كانا ناتجين عن يقين بعدم المحاسبة وقد خلت الساحة لهم وبضوء أخصر من القيادة وهو ما أكده بيان وزارة الداخلية التابعة للانقلاب الذي برر الأمر واصفاً " قشيرة " بأنه قاطع طريق، كعادتهم في الكذب والتلفيق ولن يعدموا التهمة لأي ضحية قادمة وسنتعاطف وننسى مثل كل مرة.

إن من يفتقد لشرف الخصومة يتوقع منه أبشع الجرائم ولنا في تفجيرهم لبيوت خصومهم ومن يقاومهم عبرة وافية وكافية فبعد قتل رب البيت يقذفون بمحارمه وصغاره للعراء بلا كافل أو مأوى للتشرد والموت وهل بعد جريمة كهذه من جريمة؟.

لا تستغربوا هذه هي أخلاقهم ووجههم الحقيقي الذي يتمادى في قبحه وسيتمادى أكثر وأكثر إذا تمكن من البلاد وتوقف القصف وتحرك دون خوف أو قلق يباغته من فوقه يعجز عن إيقافه،
أما الأرض فقد أحكم قبضته عليها حتى حين، ولا شيء يقلقه الآن وقد ترك له فرصة التنكيل بكل من يصرخ في وجهه ويمتشق سلاحه لمواجهته كما حدث في حجور والحقب وغيرهما بل شمت البعض بمصير من قاوموه.

هذا هو الإنقلاب السلالي الكهنوتي وهذه هي دولته وعدالته في البطش بخصومه وحلفائه والرافضين لجبروته ولن يقتصر الأمر على خصومه الظاهرين أو الخارجين عن طوعه علانية فقط بل سيفتك ويقتل ويستبيح دم كل من يشك بهم أو يخالفونه الرأي ومن ينعتهم بالطابور الخامس والمنافقين وبمناصريه أيضاً، ولم يعد الأمر مجرد تكهنات بل صار حقيقة يعلنها صراحة وتروج لها مكينته الإعلامية أمام الجميع وتخط عبارات الوعيد على جدران الشوارع وسأقتبس هنا ما كتب على جدار أحد المباني العامة في العاصمة حيث يقول المكتوب بالنص: ( سوف يقوم الجيش واللجان بتصفية الطابور الخامس) هذه العبارة الصريحة فيها المصير المحتوم لآلاف الأشخاص الذين قد يشكون بهم أو يختلفون مع سياساتهم ولهذا نقول إن القادم والمتوقع أعظم بكثير ويفوق كل ما سبقه.

ولولا ثقة الانقلاب بهشاشة خصومه وانشغالهم عنه بخلافاتهم البينية متناسين أنهم جميعاً كانوا ولا زالوا ضحاياه ما فعل كل ذلك ولا تجرأ على المجاهرة والتباهي بجرائمه .
 
ولولا ثقة المحاربين معه  ومعرفتهم _رغم تعرضهم للقهر والإذلال وقد عرفوا حقيقته_ بما ينتظرهم من خذلان إن قرروا المواجهة أو الفكاك والتسرب من بين قبضيته لتمردوا وتركوه.

نعم سيتركونه فلقد بات الكثير منهم يريد ذلك وصاروا على يقين تام أنهم وقفوا ويقفون في المكان الخطأ ولولا عدم جدارة خصوم الحوثي ومعرفة الكارهين له والعاملين معه في مناطق سيطرته بما ينتظرهم من الهمز واللمز والتخوين والخذلان لو قرروا تركه والاتجاه للطرف الأخر من بعض فئات الطرف الآخر كما حدث لمن سبقهم لتركوه.

ولو مهدت الطريق للراغبين بتركه والتخلي عنه لأصبح الحوثي بمن تبقى معه فريسة سهلة ولقمة سائعة يمكن ابتلاعها بسهولة وبضربة خاطفة وبما لا يساوي ٥% من تكلفة بقاءه وأستمرار الحرب لعام آخر .

إن إراقة الدم اليمني هو ما يشبع نهم الحوثي وما يثبِّتْ أركان دولته السلالية طلما يعيش خارج دائرة الخطر ويتنازع ضحاياه القدامى فيما بينهم وهو يعيد ترتيب نفسه لينكل بهم مرة أخرى وبحرية تامة لن يجدها إذا وجه الجميع بنادقهم إلى صدره هو فهو عدو الجميع لا إلى صدور بعضهم.
.
ما لم يتحد الجميع ضده ويتناسوا خلافاتهم فهم شركاء له في كل جريمة ترتكب بحق الشعب وهم سبب كل قطرة دم يريقها وكل بيت يفجره ولهم يد في يُتم وتشريد كل طفل و أسرة يفتك بها ويسخدمها وقودا لمعركته معهم .
 
ولهذا نقول :أنتم السبب فلا تستغربوا إن تركتم له الفرصة لينكل بالشعب ويشرده كما شردكم وإن ساويناكم به فلا تستغربوا مالم تمنحوا الشعب الثقة بكم وتخلصوه منه وتنتقموا له ولأنفسكم وللبلاد.