يتفقون أكثر مما يختلفون، تجمع بينهم لغة المصالح والأطماع المشتركة كون الممول واحداً، ولعله أعطى الضوء الأخضر لهم كي يلعبوا على أوتار وإيقاع التناغم والانسجام، وينسجوا خيوط المؤامرات لتنفيذ الأجندة والوظائف الموكلة لكل طرف منهما وفق رؤية الداعم.. يسيرون على خطى موحدة في جوهرها، ووفق منظومة معينة تلتقي عند هدف واحد ونقطة محددة، وهو تدمير ما تبقى من "اليمن" وتأصيل الشقاق والنزاع على أسس مذهبية ومناطقية، والإساءة لكل طرف وطني يختلف معهم ولا يروق لممولهم.
هذا هو باختصار لب تحالف منظومة حزب الإصلاح (إخوان اليمن) مع مليشيا الحوثي المدعومة من إيران، وهذه هي حقيقتهم التي ظهرت في أكثر من مناسبة، حيث يظهرون العداوة فيما بينهم "ظاهراً"، ويبطنون لغة (التناغم والانسجام) كنوع من أنواع التقية أو النفاق، ليمارسوا على الشعب دعارة فكرية قاتلة يهيجون بها مشاعر الشباب وخاصة المراهقين ليدفعوا بهم وقوداً رخيصاً لتحقيق مآرب جماعتين رخيصتين هما جماعة (الحوثي، الإخوان).
ومن الواضح للجميع أن الحوثي والإخوان هم جزء من منظومة إقليمية متعددة يجمعها فكر ديني متطرف، ونزعة توسعية شاذة، ومال وفير تم تسخيره للشر، ومن أبرز دول هذه المنظومة الناظمة لإيقاع التطرف والخراب هي (قطر - تركيا - إيراني)، التي يجمعها مشروع الإسلام السياسي سواء الإخوان أو الشيعي "الإثناعشري"، ويقف خلف هذه المنظومة الإقليمية منظومة دولية أكبر متمثلة في بريطانيا والصهيونية العالمية التي تستغل هذه الدول ونزعاتها المتعجرفة لتحركهم كدمى وفق مصلحة (تل أبيب) و(لندن) وواشنطن، وهم بدورهم يحركون عبيدهم وأتباعهم في اليمن ويرسمون لهم حدود الاختلاف المسموح به ومنهجية التوافق المفروضة.
ولا غرابة حين نجد التوافق الجلي بين قطبي الخراب والدمار في اليمن (الحوثي، الإخوان) في أكثر من ملف، واتحادهم في مهاجمة التحالف عموماً والإمارات على وجه التحديد، من خلال الحملات الإعلامية التي يشنها إعلام الجماعتين وناشطوها على منصات التواصل الاجتماعي، أو من خلال مهاجمة الجنوبيين وتهويل الأحداث مهما كانت مرارتها وتصويرها بشكل مبالغ جداً فيه، بغية حشد نقمة وزرع فتنة بين فئات شعبنا اليمني، لتستمر الأزمة وتطول الحرب ما دامت تدر على كل طرف منهم مئات المليارات.
في صنعاء يغازل البخيتي الإصلاحيين منذ قرابة عام، وفي مارب يتعاونوا مع الحوثي ويسلمونه المختطفين من قبل سلطات مأرب والمطلوبين لمليشيا الحوثي بسبب معارضتهم وكتابتهم عن فساد الجماعتين وبغيهم.. ولم يقتصر الأمر على مهرج الجماعة (محمد البخيتي) فقط، فها هو القيادي الحوثي حسين العزي يكشف عن مخطط قد يقدم عليه الإصلاحيون في عدن خلال اليومين القادمين، وكما قال إن ما سيقدم عليه الإصلاح سيغير المعادلة القائمة!! فهل يا ترى أصبح العزي الناطق الإعلامي أو المتحدث العسكري للإخوان، أم أنه قد تم تعيينه ناطقاً رسمياً لتحالف الإخوانثيين، أم يا تراه أراد أن يوصل لنا معلومة تثبت متانة التنسيق وتبادل المعلومات بين الطرفين كما يأمر الممول (القطري، الإيراني) ليساند كل طرف منهم الآخر، خصوصاً بعد نجاح الطرفين في خلق حالة أمنية مضطربة في عدن خلال الأسبوع المنصرم من خلال تنسيقهم لاستهداف معسكر الجلاء ومركز الشرطة في عدن أو الهجوم الإرهابي الذي شنه تنظيم القاعدة (الذراع العسكري للإخوان) على أحد معسكرات الحزام الأمني، والحملة الإعلامية المنسقة بين الإصلاح والحوثيين بعد الأحداث، فكل ما جرى ويجري يشير بما لا يدع مجالاً للشك أن التنسيق الحوثي الإخواني قائم وفق الرغبة القطرية التي تقدم دعمها لهم سياسياً وعسكرياً ومادياً وإعلامياً من أجل زعزعة الأمن والأمان والسكينة في المناطق التي لا تخضع لسلطة إحدى الجماعتين، بالإضافة لنشر الفوضى والإشعاعات من أجل ضرب التحالف إعلاميا وعسكرياً من خلال الخيانات والتسهيلات التي يقدمها الإصلاح للحوثيين، ونحن هنا أيضاً لا يمكن أن نبرئ التحالف ونتغافل عن هفواته التي سمحت بهذا التنسيق، ومن أبرز تلك الهفوات القاتلة الاستماع لتنظيرات السفير السعودي لدى اليمن والمشرف على البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن محمد آل جابر، الذي يفرض رؤاها البالية التي عفى عليها الزمن ويتعامل مع الأطراف الوطنية بطريقة غير مسؤولة مرتهناً ومتكئاً على (عصا الإخوان) رغم تكرار فشلهم، ونخر الخيانة والارتزاق والفساد لكل إدارة تسلم لهم، وعلى ما يبدو سيستمر آل جابر في مراهنته الخاسرة دون الاكتراث للعواقب أو التأمل في الواقع الذي يسير عكس ما تقوله قيادات الإخوان، أو ما يريده حكامه في الرياض.