د. صادق القاضي
الرئيس هادي.. إلى أين. ماذا بعد عدن؟!
ينتظرون من الرجل الذي قال: "عادت عمران إلى حضن الدولة". ثم. لاحقاً: "صنعاء لم تسقط ولن تسقط". أن يقول هذه المرة شيئاً مختلفاً بطريقة مختلفة عن سقوط عدن.!
في أحسن الأحوال قد يقول إنه انقلاب ثانٍ عليه، لكنه سيتعامل مع الأمر باعتباره مجرد فصل في رواية سيستمر هو بطلها: سقطت العاصمة الدائمة، فنقل شرعيته إلى عاصمة موقتة، ثم سقطت العاصمة المؤقتة، وسيتم البحث له عن عاصمة ثالثة "ترانزيت".
لكن الرواية انتهت، أو هكذا يبدو أو يجب، فسقوط عدن يعني بشكل حاسم السقوط بالضربة القاضية لهذه "الشرعية" التي أضرت بنفسها أكثر حتى من الأطراف المتمردة.
أتحدث عن الشرعية كإدارة لا كإرادة، ويُفترض بالقوى الوطنية الفاعلة والحريصة على المدنية والوحدة والنظام الجمهوري أن تعيد النظر في هذه الإدارة المرادفة للخيبة والفشل.
بل كان يُفترض أن يحدث ذلك من قبل، ولو أن هذه القوى قامت بذلك بعد "نكبة صنعاء" لما وصلت الأمور إلى "نكسة عدن".
قبل اجتياح صنعاء كان الرئيس هادي قد نجح في تفكيك الجيش القديم، ثم بعد خسارته للجيش المفكك، سلم للإخوان وعلى محسن ومراكز قوى أخرى، مهمة بناء جيش جديد، صرّح وزير دفاعه المقدشي قبل أشهر قليلة أن 70٪ من قوامه أسماء وهمية.
انزعجت حينها الأطراف المتورطة، وشنت على "المقدشي" حملة إعلامية شرسة وبذيئة، تنزه نفسها عن الفساد، وتنفي حيثيات هذه الفضيحة المدوية جملة وتفصيلاً.
هذه الأطراف نفسها تتصارخ منذ أيام على المعسكرات المحسوبة على الشرعية، وهي تتساقط في عدن بنفس السهولة والسرعة التي سقطت بها "الفرقة الأولى مدرع" من قبل في صنعاء.
الأسباب الموضوعية واحدة، لكن، وبما يليق بجهات مسئولة من هذا النوع، تحاول هذه الأطراف عبثاً إلقاء المسئولية على أطراف محلية وإقليمية أخرى تهرباً من مواجهة الحقيقة العارية حتى العظم.
هذه الحقيقة المرة تتعلق بنا جميعاً كيمنيين:
ليس لدينا دولة بل عصابة، ولا قادة بل هوامير فساد وتجار أزمات وأمراء حرب.. ليس لدينا قوات مسلحة، بل كتائب متشرذمة، ومعسكرات زائفة، وألوية وهمية، وجيوش فاسدة..
نغالط أنفسنا عندما نحاول رؤية شيء آخر في هذه النخب السياسية المنخورة بالفساد، وهذه الشرعية المنخورة بالإخوان، وممثل الشرعية هذا المنكوب بصفاته الشخصية التي تشجع حتى ظله للتمرد والانفصال عنه.!
هذا الرجل هو أكبر مقلب في تاريخ اليمن الحديث، كرئيس لدولة استلمها حرة مستقلة موحدة ذات سيادة.. وانتهى بها المطاف على يديه إلى أرخبيل من الحرائق والمحميات المضطربة تحت البند السابع.!