أكثر من يدرك - جزئياً- منطقية الخطوة التي قام بها المجلس الإنتقالي، هي الفئة التي كانت تحاول صنع وضع مختلف في الأداء الحكومي.. وربما كان رأس الحكومة ذاتها على رأس هذه الفئة كذلك.
فإذا انطلقنا من آخر المستجدات وردات الفعل المتواصلة على أحداث أغسطس، سنجد قرارات حكومية فردية وعشوائية يقرها وزيران بوقف العمل في هذه الجهة أو تلك، دون العودة إلى رئاسة الوزراء التي سبق ووجهت فقط بالالتزام بالكيانات والجهات الرسمية.
ويبدو أن عليها مراجعة ذلك في ظل استمرار تمثيلها بمهرجين في مواقع رسمية.
وإذا ما عدنا لفترة زمنية أبعد، ولحقيقة الوضع الحكومي للأشهر الماضية، سنجد شدة التباين والخلافات بين الشخصيات الحكومية، والتي خرج وزير النقل، على سبيل المثال، ليعبر عنها صراحة بذكر رغبة رئيس الوزراء بإقالته.
كما كان جلياً محاولة وزير الداخلية ممارسة دور رئيس الحكومة الفعلي منذ أكتوبر الماضي وسيطرته على ميزانية ضخمة مقابل أداء ضحل تماماً.
ولا حاجة لذكر وصاية كل شخصية نافذة في الشرعية على القرارات الحكومية والتدخل في فرض الوزراء ونوابهم ووكلائهم.
كان خاتمة المشهد ما قبل أغسطس، هو إصرار رئيس الوزراء على إجراء تغييرات فعلية ملموسة إدارياً تعمل بنسق حكومي موحد وبكوادر قادرة على شغل مواقعها بكفاءة واقتدار وبميزانية تقر بناءً على الاحتياجات الفعلية والملحة.
سبق هذا أيضاً إجراءات حكومية، قرارات اللجنة الاقتصادية والبنك المركزي ضمناً، جميعها ساهمت بنضج الأحداث إلى ما وصلت إليه اليوم.
هل كان تحرك الانتقالي ضرورة؟ نعم.. كان لجهة الجانب العسكري أمرا حتميا، ولم يرغب بالذهاب أبعد.
وإن كان استمرار هذا الحضور جانبا جيدا لإصلاح الخلل الكبير في الشرعية، وحتى لفرض واقع عمل حكومي يتوافق مع رؤية وتخطيط متواصل للقادم.. وليس كما فرضته الشرعية على الحكومة عبر شخصيات تنظر للعمل الحكومي كفرصة ومصلحة شخصية يجب أن لا تستغل فقط.. بل تستنزف.
يعيب الانتقالي أنه يضع الجميع في سلة واحدة لمجرد انتماءات مناطقية، رغم أنه في هذه المرحلة بحاجة لتغيير لهجته وهو يقود عملياً تحركاً إيجابياً ضد اختلال الشرعية سيقف معه فيه شرفاء كثر من جميع الاتجاهات والتوجهات.
أما الشرعية فيبدو أنها ستستمر فقط بمحاولات التهرب من اللقاء الذي دعت له المملكة العربية السعودية كناقة لا ترى"سنامها" وفق المثل البدوي.
* من صفحة الكاتبة على (الفيس بوك)