تتجلى خطورة الإخوان المسلمين يوماً بعد آخر، حتى أصبحت واضحةً الآن أكثر من أي فترة مضت في تاريخها المغموس بالدم والاغتيالات ومحاولة فرض سياسةٍ عفا عليها الزمن، والمضي في أساليب مفضوحة بات يتقزز منها الجميع بعد أن فطن المجتمع لتلك الحيل التي تجيدها جماعات الإسلام السياسي وعلى رأسهم "جماعة الإخوان"، ومن أبرز تلك الأساليب المكشوفة التي ما زال الإخوان يمضون في تطبيقها أسلوب قلب الحقائق والتوجية السيء للإعلام، والعدائية المفرطة حد التطرف ضد أي طرف لا يتفق معهم.
ولنا أن نقول بأن "قلب الحقائق، وصناعة الكذب".. أقرب وصف لطريقة فرع جماعة الإخوان المسلمين "حزب الإصلاح اليمني" فى خلق الأزمات والمعارك والانتصارات الوهمية، فرغم الكراهية المجتمعية وانتفاء المصداقية عن أي وسيلة أو تعبير صادر عن هذا الحزب في مجتمعنا اليمني، إلا أن لـ"الجماعة" يداً لا تُقطع، تحاول من خلالها التوغل إلى وسائل الإعلام باستخدام قنواتها ومواقعها وناشطيها على منصات التواصل الاجتماعي، كل أولئك يتم توجيههم كقطيع لشن الحملات على كل صوت يكشف حقيقة الإخوان في اليمن -الإصلاح- والتهكم والتعرض بالشتم والتقذيع لكل من يكشف سوءة الجماعة، حتى وإن كان منهم وكانوا في يوم من الأيام يفاخرون به وبكل حرف يكتبه، ما دام ينسجم مع مصلحة الجماعة ومشروعها ومحاولاتها في تدجين المجتمع وتنميط الناس ليكونوا تابعين لكل ما يصدر عنها.
منذ أسبوع كتبت الدكتور ألفت الدبعي منشوراً على حسابها الشخصي في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، عبرت فيها عن رفضها للمعارك الإخوانية والتوهمات الإصلاحية في تعز ومهاجمتهم للتربة، وذكرتهم بالنصائح التي أسدتها لهم ذات يوم، إلا أن ناشطي الحزب وكتابه والمتثاقفين هجموا عليها بشكل سيء وقالوا فيها أكثر مما قاله مالك في الخمر، كل ذلك بسبب أنها وجهت نقداً بسيطاً ولم تكشف عورتهم وتفضح حقيقتهم السيئة.
معارك الإخوان في اليمن متعددة بتعدد مصالح الجماعة وتشعبها، وأبشعها تلك التي يتدثرون فيها برداء الوطنية التي لا تعترف أدبيات الجماعة منذ النشأة بالوطنية والوطن بل بالتنظيم العابر الحدود، ولكن في اليمن تجدهم يرفعون شعار الوطن والوطنية والوحدة أكثر من بقية فروع التنظيم في البلدان الأخرى، والحقيقة أن الوطن لدى الإصلاح ليس سوى مجموعة مصالح ومناطق نفوذ خاصة له، وما إن يفقد مصلحته في مدينة ما حتى تجده يحرك "ذبابه الإلكتروني" وخلاياه الإرهابية لضرب تلك المدينة وتشويهها، وهذا ما يحدث اليوم تجاه المحافظات الجنوبية من قبل الإصلاحيين، خسروا معركة عدن فسكنتهم الهيستريا وصاروا ينادون بالويل والثبور على أهلها، لدرجة أنهم يدعون لفتح الطريق أمام الحوثيين للعودة لعدن، وحقيقةً لو كانت عدن وغيرها من المحافظات الجنوبية متكئة على جيش الشرعية "جيش علي محسن والإخوان" لكان الإرهاب الحوثي فعلاً يضرب بكل ضراوة شوارع وحارات عدن، ولو لا وجود قوات الحزام الأمني والمقاومة الجنوبية التي عملت كحائط صد منيع أمام المحاولات الحوثية والخيانات الإصلاحية لكان الوضع في عدن أسوأ مما يتخليه العقل.
ومما لا شك فيه أن الإصلاح يرى اليوم بحسرة تهاوي مشروعه التآمري والإقصائي، ليعيش حالة من التخبط والجنون جعلته يستعدي كل الأطراف، يحرض على عدن، ويهاجم الضالع، ويتآمر على الساحل الغربي، ويصارع بقوة كي لا يفقد شبوة، رافضاً أن يحكم أبناء كل منطقة منطقتهم وفق ما يرونه مناسبا، وهذا جوهر الأقلمة التي وافق عليها الإصلاح في موفمبيك. إلا أنه على ما يبدو أن الإصلاح وافق على الأقلمة وهو متوقع قدرته على ابتلاع كل السلطة والتحكم في الدولة وأن يكون هو الوطن، خصوصاً وأن الوطن لديهم لا يعدو أن يكون بئر نفط أو رصيف ميناء.
والخلاصة التي لا بد أن نصل إليها: برغم أن إثارة الرأي العام نهج يتبعه الإخوان -حزب الإصلاح- إلا أنهم يتراجعون عما كانوا عليه فى البداية، لأن أفكارهم باتت محفوظة لدى الشعب، ومحاولاتهم لا تؤتي ثمارها، وهو ما يؤكد أن مشروعهم في اليمن الذي يؤمنون به ويسير عليه قادتهم وتابعوهم وناشطوهم أصبح ميتا، في ظل استمرارهم بهذه العقلية التآمرية الإقصائية. وإن أرادوا البقاء عليهم أن يقوموا بعمل مراجعات حقيقية لا تقف عند حدود تقييم الأداء والمواقف السياسية فقط، بل تصل إلى عمق الأفكار المؤسسة والحاكمة، وأن تنزع هالة القداسة عن الأفكار والأشخاص؛ وإلا فإنها سوف تظل تدور في حلقة مفرغة من الصدام والمِحن دون تحقيق أهداف، لتظل تشقى ويشقى معها الكثيرون.