من المؤكد للعالم كله أن الشرعية اليمنية تحولت لأداة تخدم توجهات ومشاريع جماعة الإخوان المسلمين في اليمن ممثلة بحزب التجمع اليمني للإصلاح، الذي جعل من الشرعية ذريعة للسيطرة على كل مؤسسات الدولة وإعادة هيكلتها وفق ما يحفظ للجماعة ديمومة مصالحها، ومستخدماً للشرعية سوطاً يجلد به كل من يفطن لمشروع الإخوان ويهم بانتقاده أو معارضته، وكل ذلك تسبب في كراهية الناس للشرعية وعدم الوثوق بها والاطمئنان لها، لأنها لا تمثل سوى فئة متطرفة تحمل الحقد وتستبيح دماء المخالفين لها، في تشابه تام مع ثقافة الحوثيين في صنعاء، ولعل ذلك أسوأ أقدار اليمنيين في هذا العصر حيث يتملك أمرهم إما عنصري سلالي، أو إخواني انتقامي وإقصائي وكلاهما بؤرة للإرهاب والدم.
لقد استطاعت جماعة الإخوان المسلمين في اليمن الإحاطة برأس السلطة وتطويعه لصالحها، وتمكنت من تقزيم الشرعية، وجعلها إقطاعية محتكرة للجماعة، ومسخت كل ما كان يتطلع إليه اليمنيون من عودة لمؤسسات دولة حقيقية لا دولة إخوانية، وأفشلت الجهود في إعادة لملمة وبناء الجيش اليمني من خلال بنائها لجيش إخواني خالص، زوراً يسمونه (الوطني) وحولوا المؤسسة العسكرية والأمنية إلى أكبر مؤسسة ضمان اجتماعي خاص بشباب ومنتسبي الجماعة، فسفهوا كل المؤسسات ونخروها وجعلوا المواطن لا يثق فيها في غالب الأمور، ولذا لا عجب أبداً أن ترى هذا الجيش الجرار التابع للإخوان والجنرال يقيم الأعراس الجماعية في نهم، ويدير المعارك من تويتر وفيسبوك، فهو جيش وهمي بنسبة الثلثين، كما أفاد ذات مرة الوزير المقدشي.
أربع سنوات والتحالف يضخ الأموال للإخوان عبر شرعية الخفة والنوم، وأربعمائة ألف يقال هي قوام الجيش الوطني الذي يأتمر بأوامر المقر ويمضي على نهج الجماعة التي حولت دعاتها وناشطيها وحاقديها وإعلامييها وممثليها إلى ضباط وجنود في التوجيه المعنوي لهذا الجيش، والتحالف يدرك ذلك تماماً، ويعلم بأن هذا الجيش لم يبن لليمن، ولن يحقق نصراً للقيم والأهداف التي تبناها التحالف، ويعلم التحالف بيقين شديد أن هذا الجيش سيحول المعركة الأساسية إلى معارك ثانوية، وهو ما يحدث اليوم، فبعد أربع سنوات كان التحالف ينتظر فيها تحرك جماعة الإخوان وجيشها المكدس في مأرب وتعز لتحقيق الهدف الأول لليمن وهو الخلاص من جماعة الحوثي، إلا أنه تفاجأ أن هذا الجيش تحرك وبأوامر قطرية إخوانية لاستهداف كتائب أبي العباس في تعز، والنازحين في الحجرية، واكتفى ببناء حاجز من الطرابيل لصد الحوثيين في الحوبان؟!!
من المؤسف أن يظل التحالف متمسكاً بسراب الإخوان، وممنياً نفسه بتحرك إخواني تجاه صنعاء، ولم يفهم بعد أن جيش الإخوان يتحرك فقط للحفاظ على استثمارات الجنرال ومكامن الثروة التي ينهبها الإخوان، بل كم هو مستغرب توقع أي جهد إخواني لإنهاء الحرب، وهم يستثمرون الوضع ويستغلون الدعم المقدم لبناء إمبراطوريات مالية خاصة بهم، فهل يُعقل أن يقدم الإخوان على خطوة تحرمهم من هذا المورد المهول؟!! بالطبع لا، لذا نجد الإخوان يختلقون كل يوم معركة جانبية تشغل التحالف والقوى الوطنية عن المعركة الحقيقية، وتتيح الفرصة لبقاء الحوثيين أكثر وقت ممكن، وهذه هي الحقيقة المؤلمة التي لا بد أن نعيها ويعيها التحالف وكل وطني شريف، ألا وهي إن بقاء الحوثي مرتبط ببقاء الإخوان فإن زال الثاني مباشرة ينتهي الأول، وكلاهما مستمران ما دامت الشرعية بيد الإخوان يلبسونها كقفاز يخفون به بصماتهم ويختبئون خلفها لتنفيذ أجندة مشبوهة مدمرة لليمن ونسيجه الاجتماعي، وضارة للجيران وعلى رأسهم السعودية التي ستدمى خاصرتها كثيراً على يد التحالف الحوثي الإخواني، ما دامت متمسكة بأدواتها ونهجها القديم في التعامل مع اليمن ومشاكله.