مصعب الاعذل المرادي

مصعب الاعذل المرادي

تابعنى على

عبثية التنظير وسطحية التفكير

Sunday 01 September 2019 الساعة 05:08 pm

في أحايين كثيرة من عمر الزمن، يتواطؤ الإفلاس مع السذاجة والانتهازية حد التمالؤ، حينما ينجلي الغبار، ويُزاح الستار، عن انتهازية واقع، وسفسطائية مجتمع وعالم (يؤمن بصوابية التزلف والتذبذب تبعاً لما تقتضيه المصالح، كإيماننا بقدسية التبتل في محاريب ثبات الوقفة، وواحدية الموقف)..

حقيقة كهذه، يتلاشى معها كل تعجب واستغراب يسكننا ويستوطن افكارنا ونحن نشاهد الكثير من المفارقات العجيبة المتمثل بعضها في استبداد وتسيُّد معايير ممجوجة، وإزدواجية سخيفة، لاتفرّق بين التبر والتراب، وتستسقي الغيث من تراجيديا السراب، بل انها في الغالب تمنح صكوك الأفضلية لمن يمتهنون استعارة الاوجه والإمساك بنصف العصا، وإدمان التوغل في ردهات النفاق والارتزاق، بينما تمعن في الإيذاء والتهميش واللا مبالاة في تعاملها مع ذوي النفوس العزيزة والعصامية الذين يتنكرون لذاتهم ويمارسون جلد الذات بحق أنفسهم في سبيل تحقيق ما يحملونه بين جوانحهم من قضية آمنوا بها، وهدف استماتوا في تحقيقه..

إطلاقاً، ليس لنظرية الـ"انا"علاقة بما ذكرته آنفاً: ولست بصدد الحديث بثقافة الشخصنة، ومفهوم التخصيص، بقدر ما تدفعني ضرورة الإنصاف، للحديث بلسان الضمير الجمعي المعبّر عن ما تكنّة أفئدة وجوانح الكثيرين من بني الإنسان القابعين في أقبية ودهاليز الصمت القبوري، في ظل وظلال عالم ومجتمع لا قيمة فيه ولا مكانة لقيم وأخلاق وأخلاقيات الإسلام، ولا الجاهلية الأولى حتى...

لهذا وذاك، ما برح معشر الأدعياء المسكونين ب"داء" الانتهازية، والموبوئين بماكنزمات الجاهلية الحديثة، يوغلون ويتوغلون سقوطاً في وحل الإسفاف، وحضيض الازدواجية والانحراف، في سقوط مدو لا يشبهه غير سقوط من يصفّق لهم بكلتا يديه عند عقد كل صفقة بيع وشراء مذمومة، يخسر فيها البائع ويستفيد منها المشتري، والمصفّق، وكل من يجيد الرقص في بيت العزاء، وفي المقابل، يستميت الانقياء في التمسك بالصدق والإخلاص والتفاني وقيم وأخلاقيات الإنسان، رغم إيهامهم ومحاولة تثبيطهم وإقناعهم بعبثية سلوكهم، وعدم صوابية تصرفهم كموقف ووقفة، ورغم ضراوة الشماتة أو الانتقاد، الذي يجعل منهم غرباء وغرباء جددا في أعين من يقتاتون على آلام وأوجاع ومواجع الأبرياء، ويتسلقون على ظهور المنفيين في أوطانهم من الصادقين الأوفياء.

لذلك كله.. يظل من البديهي، القول بصراحة الحقيقة، إن صروف الدهر، وتقلبات الواقع، لا تزعزع سوى أصحاب الأيادي المرتعشة الذين يخافون من ظلهم، ويموتون ألف مرّة قبل موتهم الحقيقي، بينما لا تستطيع -مهما تكن ضراوتها-العبث بمواقف ووقفات ذوي الإرادة الصلبة، والعزائم الفولاذية الذين يتجلدون عند كل نازلة، ويؤمنون أن دوام الحال من المحال، ولسان حالهم ومقالهم:

سيرحل هذا الظلام الفجور
سيرحل والطغمة الفاجرة
ويشرق صبحاً بديع المحيا
يعيد لنا أمجادنا الغابرة

*من صفحة الكاتب في (الفيسبوك)