لم أشك يوماً بأن الإخوان يناصبون العداء لثورة 26 سبتمبر الخالدة، شأنهم في ذلك شأن بقايا الإمامة والإماميين مهما تدثروا بالوطنية، فالثابت لديهم هو العداء لكل فعل وطني وقومي يخرج المجتمع من ظلمات التسلط ومتاهات الأيديولوجيا المستغلة للدين، كما يعادون أي بذرة فكرية تحررية مدنية تحرمهم من تسلطهم الديني المذهبي، وتجعل مرشدهم (الأعلى) أو (العام) وعتاولة المتدثرين بالدين سواسية كما الآخرين بعيداً عن امتيازات يرون أنهم امتلكوها إما بحق إلهي أو وفق منظور الطاعة العمياء.
ينص أول أهداف ثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962 على التحرر من الاستبداد والاستعمار ومخلفاتهما وإقامة حكم جمهوري عادل وإزالة الفوارق والامتيازات بين الطبقات، لكن الواقع المعيش حاليا في ظل جماعتي الحوثي والإخوان أثبت بما لا يدع مجالا للشك أن الجماعتين عملتا جنباً إلى جنب لنسف هذا الهدف، وأصبحتا أكثر استبداداً ممن ثار عليهم الشعب في 1962، ويتضح ذلك جلياً من ممارسات الجماعتين في المناطق الخاضعة لسيطرتهما سواءً في صنعاء أو مأرب وتعز، وما نشهده من ترسيخ الاستبداد الفئوي والمذهبي يجعلنا نبصق في وجوه قيادات الإخوان وايضاً الحوثيين الذين يدعون كذباً كعادتهم بأن نكبة (21 سبتمبر) مكملة لثورة الشعب الخالدة 26 سبتمبر، خصوصاً وأن كل ما يقومون به في هذه المرحلة انتقام من اليمن واليمنيين وخدمة مذلة للمشروع الإيراني يجعل حديثهم عن الحرية والمساواة وإزالة الفوارق ضربا من الجنون واستغفال الشعب والتاريخ.. فالمرحلة تعيش اوج التعميق للفوارق بين الطبقات بفعل جماعتي الإسلام السياسي المتطرفة في اليمن.
يقول القيادي الإخواني المتطرف عبدالله العديني، في تسجيل مسرب له أثناء لقاء تنظيمي توعوي، بأن أهم الأسباب التي دفعتهم لإنشاء حركة الإخوان المسلمين في اليمن هو ضرب ومناهضة ثورة 26 سبتمبر، "باعتبارها ثورة جاهلية يجب أن تسقط ليقوم بدلاً عنها ما أسماه (نظام إسلامي)، ودعا في ذلك الاجتماع لاستمرار محاربة ثورة الشعب الخالدة، مطالباً كما قال (بوضعها تحت الأقدام) فهم يمتلكون ثورة (النبي محمد بن عبدالله) ومخرجاتها الخلفاء الراشدين".. ولعل العديني كما أقول عنه دوماً هو أصدق المتطرفين في الجماعة لا يعرف كيف يتخذ من التقية أسلوباً ومنهاجاً كجماعته، لذا تجده يصرح بما تخفيه الجماعة، ويفصح عن حقائق تتجلى يوماً بعد آخر عن الوجه المستبد للإخوان والعدائية لكل فعل وتحرك شعبي وطني، لذلك من اللامعقول أن يظل المجتمع مصدقاً لتغني الإخوان بالثورة السبتمبرية مهما استغل اسم (الزبيري) كونه أحد قيادات الثورة ومنتسباً لجماعة الإخوان، ومهما أطلقوا عليه من ألقاب من شاعر الثورة إلى آخرها من الدعاية الإخوانية المعهودة.
وإذا كان 26 سبتمبر يوم ويل وثبور في نظر الإماميين السلاليين، فإنه على ما يبدو يوم ردة وكفر في عقيدة وأدبيات الإخوانيين، لذا تضافرت جهودهم ضدها، وضد كل استحقاق وطني وشعبي، فالغاية واحدة تخريب وملشنة وتدمير الدولة وتمزيق النسيج الاجتماعي اليمني.