لم يعد هناك ما يجعل إيران تخفي دعمها للحوثيين، فحديث رئيس هيئة الأركان الإيرانية كان واضحاً حين أعلن بكل ثقة وقوف الحرس الثوري الإرهابي خلف هذه الجماعة والحرب المستعرة في اليمن، وتقديمه للاستشارة العسكرية والدعم الفكري لجماعة الحوثي، وأيضاً الدعم المعنوي الإعلامي الجبار الذي قدمته أذرع إيران في المنطقة من القنوات العراقية والمنار والميادين وكل لوبي الإعلام الممول إيرانياً، ومؤخراً قناة الجزيرة الممولة قطرياً.
لا أعتقد أن إيران كانت ستعلن وتتبجح بتدخلها لصالح الانقلابيين في اليمن لولا حالة الاطمئنان التي تجلت لها وانعدام الإرادة الدولية لحل الأزمة اليمنية لصالح الشعب اليمني وثوابته، والعجز الكبير الذي تعاني منه شرعية الفنادق وأيضاً وهو الأهم من كل ما سبق هو دور الإخوان المطمئن لإيران.. فبعد كشف زيف الإخوان وخداعهم للتحالف وتبلور رغبة جادة بضرورة إصلاح منظومة الرئاسة التي تسيطر عليها جماعة الإخوان وتجيرها لمشروعها وما نتج عن ذلك من فساد ومحسوبية حزبية وإقصاء لا نهاية له من قبل الإخوان، عندما شعر الإخوان باقتراب محاسبتهم أو لنقل تقليص نفوذهم داخل الشرعية، شرعوا في شن حملة تطالب بتفكيك التحالف، وأخرى تطالب بالتقارب مع إيران وفق ما يأمرهم به الممول القطري طبعاً، ومن هنا أمن الإيرانيين عدم تعرضهم لأي حملة أو معارضة حقيقية تدين اعترافهم، كما أنهم يثقون بأن خارجية هادي لن تطالب الأمم المتحدة ومجلس الأمن بمعاقبتهم على دعمهم للحرب في اليمن وتوفير الخبرات والدعم العسكري والمشورة بما يتعارض مع القرارات الأممية بشأن اليمن، فمعركة خارجية هادي (الإخوانية) منشغلة بحرب ضروس لشيطنة الإمارات، وقيادات الإخوان لاهية باستثماراتها وكيفية اختراع معارك جانبية تشغل القاعدة الشعبية التابعة لهم تارة ضد المجلس الانتقالي والجنوب، وتارة ضد المقاومة الوطنية والناصريين والعفافيش.
مجريات الأحداث وتسارعها أثبتت صدق الحكمة القائلة (من أمن العقوبة أساء الأدب أو العمل) وعلى هذا المسار تمضي إيران التي أمنت العقوبات الحقيقية من المجتمع الدولي ومؤسساته الضامنة للسلم والسلام الدوليين، أو من الدول ذات المصالح الكبرى في المنطقة والتي لم تحرك ساكناً أو تتحرك بجد لتردع التنمر الحاصل والاستفزازات الإيرانية المستمرة.
أمنت إيران بأنها لن تجد شعبا يمنيا متوحدا على قلب رجل واحد يمتلك مشروعا وطنيا جامعا، فتنطعت وأوغلت في قتل اليمنيين عبر أداتها الحوثية، وسوف تستمر حتى يؤمن اليمنيون بيمنهم ويجعلوه فوق الحزبية والمصالح، ويخير الشعب جماعتي الإسلام السياسي في اليمن (الحوثي، الإخوان) إما الإيمان باليمن والعمل وفق مصلحته العليا ومستقبل أبنائه، أو السحق الأبدي لكل عميل ومذهبي وسلالي مارق، وفي ذلك عصمة للوطن وتنقية للدين.