سمير الصنعاني
من الإعتذار الرسمي إلى خيانة وادي جبارة.. الإخوان وخدمة الحوثي
أثناء أزمة العام 2011م كانت مليشيات الإصلاح، الإخوان في اليمن، تهاجم معسكرات الجيش والأمن وتدعو لاقتحامها ونهبها بحجة أنها جيش وأمن عائلي وأسري، وكان الحوثيون آنذاك يتابعون المشهد بابتسامة ماكرة، ويشاركون في التحريض على الجيش والأمن الذي خاض ست حروب ضد تمردهم ويرقبون ما يحصل استعداداً لتنفيذ مشروعهم لاحقاً.
الإصلاحيون الذين غرهم أن صالح سلم السلطة رغم نجاته من جريمة اغتياله في جامع دار الرئاسة التي نفذوها هم ليذهبوا بعيداً في خصومتهم ضده وضد حزبه فتولوا تنفيذ مشروع تحميله كل تبعات أحداث الماضي الذي شاركوا فيه، فاعتذروا عن حرب الانفصال في عام 94م والتي كانوا هم رأس الحربة فيها، واعتذروا أيضاً عن حروب الدولة ضد تمرد الحوثيين في صعدة ظناً منهم أن ذلك سيشفع لهم وسيمنحهم صك غفران لدى مليشيات الحوثي.
ولم يكتفوا بذلك بل ذهبوا لتدمير مؤسسة الجيش والأمن والبدء بإحلال مليشياتهم بديلاً لتلك المؤسستين، وخاضوا من أجل ذلك معركة سياسية وإعلامية دون هوادة، وكانوا يفعلون ذلك وهم منتشون بوهم النصر على حليفهم السابق وخصمهم الحالي صالح، لكنهم لم يكونوا في نشوة ذلك الانتصار الوهمي بذهابهم لتحقيق مشروع دولة الخلافة التي بشر بها الزنداني أنهم يعبّدون الطريق لمشروع آخر هو النقيض لهم مذهبيا وفكريا وسياسيا. ولم يكن ذلك النقيض سوى المليشيات الحوثية ومشروعها لدولة الإمامة.
دمر الإصلاحيون الجيش والأمن، فسيطر الحوثيون على المدن والمحافظات ووصلوا إلى عمران وقتلوا القشيبي ليجدوا هادي يزورهم ويعلن عودتها إلى حضن الدولة والجمهورية، فلم يجدوا بعدها صعوبة في الوصول إلى العاصمة وإسقاطها ليجد الإخوان أنفسهم عراة بعد أن أصبح ذلك الجيش الذي هيكلوه ينتهج سياسة الحياد.
وبعد انطلاق عاصفة الحزم بقيادة التحالف العربي ضد المليشيات الحوثي وبروزهم كرأس حربة في المشهد لم يتعلم الإخوان من أخطائهم الماضية، فواصلوا المضي في تبني مشروعهم في إنشاء جيش وهمي على طريقة علي محسن وفرقته الأولى مدرع، وحاولوا إقصاء كل مخالفيهم من المشهد بسيطرتهم المطلقة على كل شيء وخوض حروب ومعارك ضد خصومهم الواقفين معهم ضد الحوثيين من السلفيين إلى الجنوبيين إلى المؤتمريين الذين وقفوا مع هادي، وانتهاءً بطارق صالح والمؤتمريين الذين غادروا صنعاء عقب غدر المليشيات الحوثية بصالح وقتله ورفيقه عارف الزوكا.
ولأن الإخوان هم مشروع فشل وغدر وكراهية للآخرين، فحين كاد النصر يتحقق في الحديدة ضد مليشيات الحوثي ذهبوا وعبر حكومة هادي للتآمر على ذلك النصر وإيقافه وخدموا الحوثيين خدمة لم يكونوا يحلمون بها، وفيما كان التحالف العربي يصعد من معركته ضد مليشيات الحوثي ويقدم مزيداً من الدلائل للعالم عن تورط إيران في دعمها ضد دول المنطقة ومصالح العالم فيها، ذهب الإخوان لخوض معارك أخرى ضد قيادات المجلس الانتقالي الجنوبي وضد دولة الإمارات العربية المتحدة، وحولوا المعركة الإعلامية والسياسية والدبلوماسية باتجاه آخر لم يكن المستفيد الوحيد منها سوى مليشيات الحوثي.
وحين شعر الإخوان أن التحالف العربي ليس مقتنعا بما يمارسونه من حرف لبوصلة المعركة في اتجاه غير مواجهة الحوثيين، عمد الإخوان إلى إفشال كل الانتصارات التي تحققت في جبهة صعدة بدعم من التحالف حين تآمروا على تسليم ألوية بكامل عددها وعتادها للحوثيين، وكأنهم بذلك يرسلون رسالة تحذير للتحالف وتحديدا للسعودية مفادها إما أن تقفوا معنا ضد الإمارات والانتقالي أو سنتفق مع الحوثيين ضدكم.
والحقيقة التي باتت جلية اليوم أن الإخوان في اليمن ليسوا سوى مجرد ذراع من أذرع التنظيم الدولي للإخوان المسلمين والذي ينفذ سياسة تخدم توجهات ذلك التنظيم ومن يقف خلفه من دول المنطقة وفي مقدمتها تركيا وقطر ولو كان ذلك على حساب كل شيء وفي المقدمة دول التحالف العربي الذي وقف معهم وآواهم ودعمهم ومنحهم كل شيء في الحرب ضد الحوثيين إلا أنهم أبوا إلا أن يكونوا في صف جماعتهم وفكرهم ومشروعهم للخلافة وليس ثمة دليل أوضح من ما يشنه اليوم قادتهم وإعلاميوهم ضد الإمارات والسعودية خدمة لأجندات قطر وتركيا وضداً حتى لمشروع استعادة الدولة من المليشيات الحوثية والتي يتصدرون هم مشهده من خلال سيطرتهم على الشرعية كسلطة ومؤسسات وموارد وإمكانات، وبشكل لا يختلف عما فعلوه مع الرئيس السابق صالح الذي كان حليفهم وحاميهم طيلة فترة حكمه لكنهم باعوه وخانوه وغدروا به في أول محطة سنحت لهم الفرصة لذلك.