ما يدور في المنطقة منذ قرابة عشرة أعوام يجعلنا نحاول ولو من باب العبث التتبع والقراءة والاستنباط لمجريات الأحداث وفهم الأسباب وربما الخفايا التي أدت بنا لهذا الواقع المزري، ومن المؤكد أنه ما من نكبة في منطقتنا العربية أو خراب ومؤامرات إلا وأمريكا تقف خلفها، سواءً بشكل مباشر أو عبر أدواتها المساعدة لها في خلط الأوراق وابتزاز العرب، أدوات تتمثل في (إيران) ومدها الشيعي، و(تركيا، قطر) ورعايتهما لجماعة الإخوان المسلمين، وكلا التيارين مرضي عنهما صهيوغربياً مهما حاولوا تصوير خلاف ذلك.
وكما أسلفت فلنحاول تلخيص طريقة تفكير أمريكا اليوم في نقاط حتى نسهل على الجميع القراءة، وحتى لا يستمر العجب من المواقف الأمريكية مؤخراً.
▪أمريكا منذ عدة سنوات تمارس سياسة انكفاء عن العالم القديم وتركز على الاقتصاد والعلوم وتقوية الذات.
▪تتابع أمريكا بؤر التوتر في العالم ولكنها لا تنخرط وتحاول بين فترة وأخرى اختيار من ومتى تؤيد بناءً على تحقيق مصالحها بدون تورط أو دفع ثمن من علاقاتها الهامة مع مراكز القوة، فأمريكا لم تعد تمتلك أي أخلاقيات تردعها من التخلي عمن دعمتهم أو اختارتهم لتنفيذ مصالحها والشواهد عدة وبالتأكيد لن يكون الأكراد آخرهم!!
▪لا صداقات ثابتة بل مصالح وليس بالضرورة أن تكون مصالح قصيرة المدى او مصالح مادية حتى وان كانت تتضارب مع قيم امريكا التي طالما صدعت العالم بها... بمعنى أوضح (المصالح) أهم من القيم والصداقات الثابتة.
▪أما السؤال الذي يتردد لماذا امريكا تترك الأصدقاء المعروفين وتتنكر لدورها فهي في الحقيقة تتابع دوري بين القوى المحلية وسوف تسلم مفاتيح المنطقة للأقوى، وعلى هذا لا بد أن يبني العرب علاقتهم مع أمريكا الجديدة، فأمريكا كما يبدو تسلم مفاتيح المنطقة وتحصر الدوري بين تركيا وإيران، وبالطبع (إلى جوار إسرائيل).
▪فشل العرب في إيجاد من يقنع أمريكا بأنه قادر على ضبط المنطقة رغم الاستعراض العسكري الذي ربما أفقد العرب كل الأوراق، ولا عجب فهم أهملوا الأوراق الأشد أهمية التي يستطيعون تركيع العالم بها دون مبالغة، وليس مجرد إقناع.
▪ما يجري في المنطقة من محاولات أمريكية لصناعة فزاعات تبتز بها العرب، ووضع مخططات تدمر أوطانهم ومقدراتهم يعد دليلا بأن اوراق الضغط العربية على امريكا انتهت وقد عمل كل قادة أمريكا من بعد 73 على إنهائها، واليوم أمريكا مكتفية فعليا بل تبحث عن بديل يسلب المنطقة الأهمية وإن سألت لماذا تفعل ذلك؟! فسوف تجد الجواب في سياق التوافق الجمهوري - الديمقراطي ضد المنطقة وتصنيف أي عمل يعيد للأمة كرامتها بأنه عمل إرهابي ويتم تصنيفه وتوصيفه ليكون ملاصقا للعربي النفطي وما يرافق ذلك من حملات دعائية لتجفيف موارد الإرهاب، وهي (أي أمريكا) تصنع إرهاباً جديداً وتقدم له الدعم الظاهر والخفي ويتمثل هذا الإرهاب في (التطرف الإيراني الشيعي، والارهاب التركي القطري الإخواني).
▪في نهاية هذا المارثون أو دوري الصراع والدمار سوف تتوج أمريكا الفريق الذي يفوز ولكن تبقي إسرائيل هي الحليف الذي يجب أن يبقى متفوقا.
▪من مصلحة أمريكا وربما العالم كيانات أصغر تبحث عن الأمان من كيانات كبيرة تحلم بالمجد، وهذا يتم العمل عليه في سورية والعراق ومن المؤكد ايضاً في اليمن الذي بات مقطع الأوصال خصوصاً بين جماعتي الإسلامي السياسي المرعية أمريكياً "جماعتي الحوثي والإخوان".
▪الجيوش العربية كانت مصدر قلق اسرائيل ولكن تم التخلص منها مبكراً بالتسريح كلياً كما حدث في العراق، وبالهيكلة كما أقدمت عليه جماعة الإخوان في اليمن، أو بالزج بها في حروب داخلية قذرة استطاعت اسرائيل وأمريكا وأداتهما كالإخوان خصوصا خلق عداوة للجيش وإلغاء أو إسقاط فكرة الجيش القوي من العقل العربي.
▪أمريكا اليوم لن تهدر قطرة دم بل توجه عن بعد وتصيد أهدافها بدقة.
العدو اليوم لإسرائيل وأمريكا وأدواتهما في المنطقة (إيران والدول الداعمة لجماعة الإخوان) هو فكر، ولذا تجد هذه الدول والأدوات تعمل على ترويض الفكر الوطني المؤمن بدولة وطنية عروبية قومية أو اغتياله في المهد ودفنه والتشكيك في أي توجه إليه، وهو ما يظهر جلياً من تنسيق عملاء إيران والإخوان في المنطقة ومواجهتهم لأي فكرة أو مشروع وطني فعداوتهم تكمن ضد الدولة الوطنية.