عبدالفتاح الصناعي
في نقد الإمارات والسعودية والنخبة الشيطانية!
ليست الإمارات بريئة من الأخطاء ولا منزهة عن النقص، فثلاث أو أربع أو خمس سنوات من عملها في الجنوب بشكل عام وفي عدن بشكل خاص لا شك بأنها واجهت تعقيدات صعبة، ويمكن المبالغة بنجاحها وفشلها، ويمكن التوسط في الأمر والقول بأنه بأقل الأحوال تجاوزت معظم القضايا بنسب مقبولة من النجاحات التي تحسب لها، أكثر مما يحسب عليها من أخطاء وفشل لأن التعقيدات الداخلية متأزمة ومعقدة بشكل كبير، ناهيك عن علاقتها الحساسة جدا بالسعودية حين تتفق أو تختلف معها، وحين تنجح الإمارات أو تخفق، وحين تعمل برؤيتها منفردة وحين تصل إلى توافقات وتسويات مع السعودية.
أتفق مع الانتقادات لبعض المغردين الإماراتيين، فحقا إنهم شوهوا دور الإمارات من حيث أسلوبهم وطريقتهم في الدفاع عن دولتهم وتوضيح دورها باليمن، مع أن مزايدة هؤلاء المغردين وأساليبهم كانت على شاكلة الاتهامات والحرب ضد الإمارات، ولكن رسمياً ظلت الإمارات أبعد عن كل هذا، ومثلت طرقها ترفعاً ورقياً.
قضت الإمارات على الجماعات المتطرفة كمعركة كانت غاية في الخطورة والتعقيد.. حتى نجحت في تحقيق الأمن.
أقامت مؤسسات وأعادتها للحياة من جديد تعليمياً واجتماعياً وصحياً.
احتوت الحراك الذي غدر به هادي، وصنعت منه قوة إيجابية تحمي عدن والجنوب في ظل شرعية مهترئه لا يليق بها القيام بدور حماية نفسها وقادتها المعزولين عن الواقع الذين يعيشون بأبراج عاجية، مستغلين دعم السعودية لممارسة الفساد والعبث وتكوين الثروات الهائلة والمتاجرة بكل شيء، لولا أن تدخل الإمارات كبح شيئا من جموح شهواتهم وفسادهم، ومن هنا تذرع بعض هؤلاء بالوطنية لمحاربة الإمارات التي عملت عليهم بعض الحدود والقيود.
هنالك كثير من الشخصيات والقوى الجنوبية وغيرها التي مثلت عبئاً على الإمارات دون أن تستغل دعم الإمارات لها بالشكل الإيجابي.. إضافة إلى أخطاء الإمارات نفسها.. وطبيعة الوضع المتأزم والقضايا المعقدة بحد ذاتها.. وبالتالي فالأداء العام للإمارات ليس على المستوى المطلوب، ولكن هذا يقودنا إلى تساؤل ما الذي كان يمكن أن يكون عمليا
لو ذهب كل دعم الإمارات للشرعية وتحالفاتها؟! فماذا كان سيفيد الأمر لو كفت الإمارات عن تدخلاتها مبدئياً؟ لو أخلت الجو كله للسعودية تعمل بطريقتها؟! لو عملت بنفس طريقة السعودية أو اتفقت معها تماماً بكل شيء، لو نازعت السعودية ووقفت في وجهها؟!
التدخل السعودي العسكري من حيث المبدأ يحتاج إلى نقد وتقييم حقيقي.. هل كان ضرورة أم تسرعاً خاطئا قاد إلى أزمات وتعميق المشاكل والمخاطر وليس حلها.!
إن شياطين الإنس وعُباد الريال السعودي من العسكريين والسياسيين والإعلاميين اليمنيين الذين زينوا للسعودية أخطاءها وقادوها إلى مأزق صعب ومآلات خاسرة.. يتبرؤون من السعودية بسهولة وهي في عز محنتها أو يقودها إلى وهم آخر وخسارة أكبر.
وبالتالي فإن تدخل الإمارات من ناحية مثل إنقاذ ما يمكن إنقاذه من المأزق الذي قامت به السعودية وقادت الخليج إليه طوعا أو كرها.
ومن ناحية أخرى إن تقديم الشكر الحقيقي للإمارات هو نقد موضوعي بناء وصادق بضمير وطني وقومي.. لما قامت به من دور وتجربة ليسهم هذا بكل تواضعه وبساطته وبما يمثل كانعكاس حقيقي لنبض الواقع والضمير الوطني والقومي لعله يسهم في تطوير سياستها وعدم الوقوع في فخ الأخطاء الكبيرة التي وقع فيها الآخرون.
إن البيئة اليمنية زاخرة ومليئة بالآف الشياطين اليمنيين التي تقدم خدماتها لأي طرف دولي لتزين له الأخطاء وتزايد بها وتتطرف بمواقفها بكل ابتذال دفاعاً وتبريراً وعداءً ونقداً وسخطاً على الآخر.. دون أن يكون هنالك قضية جوهرية.. شياطين قدراتها تجعل المجرم ملاكا والملاك مجرما وتتناقض وتغير مواقفها بنفس الوقت.. وتزين لك أخطاءك وتهديك سواء السبيل.. ولكنها تكاد تخلو من الذي يمدك بالنقد البناء والمراجعات الحقيقية ويشاركك الهم والمسؤولية كما يجب.
بشكل عام النخبة الوطنية في معظمها عاجزة وفاشلة تبيع الوهم والزيف.. وقد كانت الإمارات هي الأذكى في استشعار هذا الأمر والتعامل معه بطريقة مختلفة عن الآخرين، وهذا ما مثل أهم نقاط قوتها المحورية.. وستحصد مزيداً من النجاحات كلما انتقلت إلى مستويات متقدمة في تطوير سياستها على هذا المبدأ.