بشير عثمان
أن يستعيد الشعب عقله وأفكاره.. عن مواجهة الحرب
على نحو رائع هناك ما ينمو في اليمن..
ثمة أشياء تنمو على نحو أفضل في الحرب: إنها الأفكار.
على نحو رائع الأفكار تنمو في الحرب، أو إن توافرت لها شروط حرية التعبير وحرية التفكير والاعتقاد مصانة في ظل نظام علماني حر.
لقد كتبت أفكار صادمة للكثيرين على صفحتي في الفيسبوك، وغادر الكثيرون أو شتمني آخرون، حتى إن أصدقاء أعرفهم شخصياً ألغوا صداقتي من حياتهم، وهذه إحداها.
لكن في الحقيقة: أثناء الحرب تتغير الأفكار وتنضج. الليالي المظلمة في ظل انعدام الكهرباء وغياب الخدمات العامة، قلق الناس وخوفهم وصدمتهم، خساراتهم، تغير قناعاتهم وأفكارهم، رائحة الموت والدماء، تجعل الناس يقبلون مذهب التفكير الحر، يحلمون أحلاماً سوداء مزعجة -بالفعل- بعد أن كانوا يحلمون بالحور العين، ورغم تمسكهم الهش بما ألفوه واقتنعوا به يصبحون أكثر قرباً نحو التغيير.
الحالمون بالمسيدة، وأولئك الذين يطالبون بتقسيم اليمن، والباحثون عن الخلافة، في حدود ذهنية عبد الملك الحوثي، أو الدنبوع، أو الزنداني... الخ، كل هؤلاء وآخرون أدموا اليمن وأفقروها، معتقداتهم ورؤيتهم تنهش شعبنا، ولكن لن تستطيع أن تنهش أذهاننا القوية، لا يمكنهم الصمود أمام تغيير الناس لأفكارهم وقناعاتهم المختلفة.
لكل شعب ذهنياته القوية التي لا يمكن أن ينهشها أوغاد وتجار الحروب ومرتزقة الآفاق.
قد يبدو كل شيء الآن محتملاً، قد يتفقون، فنحن نعيش الفوضى، فوضى اليمن شبه التاريخية، والتي تفضي لنفس النتائج التي عاشها شعبنا. لكن هناك شيء إيجابي، وعلينا تلقفه، فنحن في عصر مختلف، وفي ظل ذهنياتنا المستيقظة يمكننا أن نصنع الفارق التاريخي، أو دعونا نقُل نستطيع تحريك العقول المخدرة بأفيون الشعوب.
المراحل السابقة جعلت أدمغة الناس غائمة مستسلمة للغيب خاضعة للجهالة والتخلف والرجعية، ضبابية الرؤية وعدم توافر مقومات التغيير والجو المشبع بالخرافة ولزوجة الرغبات الفردية والخيارات الفردية وخلاصنا الفردي أضعفتنا جميعاً وأضعفت كل اليمن. ببساطة، ما ينمو أفضل في الحرب إنما هو: الفكر والعقلانية، ومرافق للفقر والجوع.
علينا أن نفكر كشعب لا كأفراد.