لا أدري إن كانت تلك حقيقة أم أنها مجرد حلم؟ بغض النظر إن كانت حقيقة أم مجرد حلم عابر حلمته ذات ليلة شتوية في صنعاء.
مهما يكن فما زلت أتذكر تماماً القطار الذي شعرت أنه على وشك أن يدهسني لأمسك بصديقي الذي كان بجواري، مسكته لعلي أحتمي به خوف من القطار الذي تهيأ لي أنه سيخرج من الشاشة ليدهسنا.
ما زلت أتذكر هذه اللقطة وأتذكر سخريتي من نفسي حين أمسكت صديقي الذي كان هو الآخر خائفا أكثر مني، إذ كنت حينها كالغريق الذي يتعلق بقشة.
كنا ريفيين لأول مرة ندخل السينما وصرخنا حينها إلى أن التفت الجمهور الذي كان حولنا يتابع بصمت..
حدث ذلك عام 1999م أو لربما 1998م -وهي فترة زياراتي لصنعاء- المكان حديقة السبعين أو حديقة الثورة باعتقادي.. لم أعد أتذكر الأحداث والأماكن بالضبط، حتى صديقي الذي كان يرافقني آنذاك لم أعد أتذكر ملامحه ولا اسمه أو من هو بالضبط.
والشيء الوحيد الذي بقي بمخيلتي هو ذلك الرعب الذي عشناه وتلك اللقطة للقطار الضخم الذي كان يهرول فوقنا ونحن بدافع غريزي تشبثنا ببعض لعلنا ننجو منه.. تهيأ لي أننا نجونا، ومن حينها ولذة سعادة تدغدغني وكأنني نجوت حقيقة من حادث شنيع كاد أن ينهي حياتي إلى الأبد.
كنت حينها مراهقا -أو كما يتهيأ لي أنني عشت ذلك الحدث حقيقة- كنت مراهقا ولأول مرة أخوض تجربة سينمائية.
الآن أسأل نفسي كل يوم هل ما حدث آنذاك حقيقي؟ هل حقا كانت سينما في صنعاء؟ هل عشت حقيقة ذلك المشهد؟ هل ما زال صديقي يتذكر تلك اللقطة؟ من هو هذا الصديق ليؤكد لي هذا الحدث؟
لم أعد أتذكر شيئا سوى اللونين الأصفر والأزرق من الخارج والظلام قبل بدء عرض الفلم والأرضية المفروشة "بالكري".
لا أدري إن كنا جلسنا على كراسي أم لا.. لم أعد أتذكر سوى هذه الأشياء والقطار وقميص صديقي الذي تشبثت به.
لو ثبت أن صنعاء كانت فيها سينما بهذه الفترة، هذا يعني أن الذاكرة لم تخني وأنني عشت تلك اللحظات حقيقة وأن لا فرق بين الحياة والحلم لأن الأشياء تبقي مجرد صور في الذاكرة سواء كنت قد حلمت بها أو عشتها حقيقة!
* من صفحة الكاتب على الفيسبوك