د. صادق القاضي

د. صادق القاضي

تابعنى على

الهاشمية السياسية.. والعنصرية المضادة في اليمن(1-2)!

Tuesday 24 December 2019 الساعة 10:14 am

المشكلة- دائماً- ليست في العناصر، بل في العنصرية. الفرق واضح:

- العناصر. كالطوائف والسلالات والفئات: ثراء وتعدد وتنوع وقوة وشراكة وتعاون وتعايش بنّاء..

- بينما العنصرية. كالطائفية والسلالية والفئوية: أحادية وشمولية وقهر واستلاب وضعف وتناحر هدام..

تبدأ المشكلة باختراق العنصرية للعنصر، وتلبّسها به. كاختراق السلالية الهاشمية لوعي وكيان السلالة الهاشمية، خاصةً في أوساط الطائفة الزيدية في اليمن.

قد يشوش التاريخ الطويل العنيف المتواصل لهذه الإشكالية، على هذه النقطة، لكن الواقع أن:

الهاشميين عناصر يمنية أصيلة. فيما الفكر والمشروع والكيان "الحوثي".. ظاهرة عنصرية دخيلة على الهاشميين والزيود والحياة السياسية والاجتماعية في اليمن.

يشبه الأمر علاقة الصهيونية باليهودية. في الحالتين هناك منظمة أصولية طارئة تستند على خرافة قديمة ممهورة بتوقيع إلهي، بالتفوق والامتياز العرقي لسلالة معينة، وتعمل جاهدة لإقامة دولة عنصرية خاصة بهذه السلالة، ولا يهم على حساب من.!

المهم. نجحت هذه العنصرية في اليمن، مجدداً باختراق هذين العنصرين، بشكل ساحق تقريباً، كما يبدو، لدرجة أنه لم يعد هناك وجود مهم لنخب وكيانات اجتماعية وعقائدية وسياسية هاشمية زيدية قوية بما يكفي لمنافسة الحوثي في تمثيل هاتين الشريحتين.!

ترتب عن هذا الاختراق ما تعانيه اليمن اليوم من حروب وأزمات، وكما لا يمكن مؤاخذة اليهود على ما فعلته الصهيونية بحق الفلسطينيين، لا يمكن تحميل الهاشميين وحدهم، مسئولية الجرائم الحوثية، رغم كونهم يشكلون رأس وقلب هذه الجماعة وعمودها الفقري.

لكن ذلك لا يعني إعفاءهم تماماً من المسئولية، على الأقل في هلامية مواقف النخب من المشكلة الحوثية، بجانب أن نسبة لا يستهان بها منهم اتخذت موقف الحياد السلبي من الأزمة، تراقب بحذر، وتتعامل بلا مبالاة مع مآلات الحرب.

تتصور هذه الفئة الأخيرة هكذا بلا ضمانة من أيّ نوع، أنه:

- إذا انتصر المشروع الحوثي سيربحون امتيازات النظام السلالي. كهاشميين أصفياء.

- أمّا إذا انهزم فلن يخسروا امتيازات النظام المدني. كمواطنين أسوياء.

لكن هذا الحياد الانتهازي لن يكون في صالحهم في الحالتين:

- إذا انتصر الحوثي فلن يكون أفضل لهم من الأئمة الذين اضطهدوا حتى إخوتهم وأبنائهم داخل العائلة المالكة، وشنوا معظم حروبهم على المناطق الزيدية.

- أما إذا انهزم فليس من المستبعد قيام بعض الممارسات الانتقامية ضدهم، من قبل شريحة واسعة تحمّل الهاشميين والزيود من الآن جريرة الجائحة الحوثية.

في تجارب الشموليات البائدة. سادت كثير من الأنظمة العنصرية.. عربدت بحق العناصر الأخرى، ثم عندما سقطت تركت وراءها حواضنها الاجتماعية والفكرية والعقائدية للضياع.

هل هذا ما سيحدث في اليمن؟!

ربما.. هذا الأمر مرهون بشيئين:

- نجاح نخب هاشمية وزيدية مؤثرة في تشكيل تكتل وطني مسئول، يمثل موقفهم التاريخي، وانحيازهم، كفئة، لا كأفراد، عن الجماعة الحوثية لصالح هويتهم اليمنية والنظام الجمهوري.

- أو نجاح العنصرية في اختراق عناصر الصف الجمهوري. ولحسن الحظ لم تنجح حتى الآن، رغم وجود فئة محسوبة عليه ترى أن وجود عنصرية مساوية للعنصرية الحوثية في القوة، ومعاكسة لها في الاتجاه، هو الحل للمشكلة اليمنية.!

هذه الفئة تتمدد وتتجذر باطراد مع تمدد وتجذر الممارسات العنصرية الحوثية، بما يعقد ويعمق المشكلة العنصرية في اليمن، ويؤبدها، ويفخخ مستقبل الجميع بالكثير من الحقد والانتقام.