على عتبات عقد زمني من اللا شيء نحو التقدم مر على بلادنا، وما زال الأمر يراوح مكانه بين دم ودم، وحرب وخراب، وحقد ومعارك يخترعها الفاشلون ليغطوا سوءاتهم التي تكشفت خلال هذا العقد الممتد بين 2010 و2019، دون أي محاولة للعودة للرشد، والتكفير عن تسع عجاف تجرع فيها المواطن كل المرارات، وانتكست حياته حتى أصبح في الدرك الأسفل بين الأمم.. وتعرض الوطن للكثير من المؤامرات والتفتيت رغم ادعاء كل طرف محبته وخوفه على اليمن والعمل لصالحه.
ونحن في بداية 2020 ماتت الآمال لدى المواطن اليمني المسحوق تحت أقدام الجماعات الدينية والأحزاب السياسية المتناحرة، ولم يعد لليمني أي متسع للتمني والحلم في ظل واقع ابعده عن الحياة وفي نفس الوقت لم يوصله للآخرة، فأصبح يعيش حياة برزخ مظلم، ويتخبط في بحور لجية من الأزمات والتضييق والعجز أمام المتاجرين باسمه ومعاناته، ولا تفسير لذلك إن كان نتيجة هول الصدمة التي تعرض لها ممن اتخذوا الدين شعاراً للوصول للسلطة، وما ان وصلوا ارتكبوا بحقه كل الموبقات، بين تكفير وتفجير، وفجور في الخصومة وإقصاء وتهميش، أو نتيجة للسرعة الفائقة التي يعود بها للوراء، نحو السلالية وتركيع الناس وإذلالهم في سبيل إشباع رغبة شاذة، وفكر مختل يريد تصفية حسابات بني العمومة الذين اقتتلوا قبل 1400 عام، على حساب المواطن اليمني.
كنا نتطلع قبل النكسة الحوثية أن ننتهي من آثار النكسة الإخوانية، ونمني النفس بعودة الاستقرار الوطني والاجتماعي، والبعد عن زوبعة الحقد السياسي الذي خلف انقسامات حادة على صعيد النسيج الاجتماعي، وتتوقف عملية الشيطنة الإخوانية لمن يعارض سلطتهم، وتتوقف رغبة الانتقام والاستحواذ التي تملكتهم، ليتجه الجميع نحو إعادة بناء دولة وطنية جامعة تحلحل فيها الملفات والمطالبات الحقة، وتعالج بعدالة القضايا التي تهدد وحدة الوطن وتشعر المواطن بالغبن في هذه المنطقة أو تلك، ويحتكم الجميع بما سيفرزه المسار الديمقراطي، لننطلق نحو المستقبل الذي سبقتنا له دول العالم، إلا أن النكسة الحوثية جاءت لتكمل ما بدأه الإخوان، واستكمال ما خربه الإصلاح، وكافة الأحزاب المرتهنة للمناكفات، وذهبت المليشيا الحوثية أبعد مما كان يتوقعه أسوأ المتشائمين، مستغلة ظروف العداوة البينية داخل الأحزاب، والضعف العام الذي عانته سلطة هادي، والعجز والخفة التي اتسم بها هادي شخصياً، وهذا ما جعل المليشيا الحوثية تتمدد أكثر، وتتوحش بصورة لم يسبقها لها أحد من المجرمين، وبإسناد وتفاهم إخواني حرم الحوثي المواطن اليمني أبسط حقوقه، واستباح دمه، ونهب ماله ومرتبه، وأرسل خيرة شباب اليمن إلى محارق لا يعودون فيها إلا أشلاء أو في توابيت وهمية، ويبقى هو متسلطا على صنعاء وما جاورها، وينفرد شركاؤه في الساحة "جماعة الإخوان" بمحافظات الثروة، ويتحكمون بالشرعية، وفق مخطط متفق عليه بين طهران والدوحة، لتحويل اليمن لبؤرة شر ضد أبنائه، وجيرانه، ومحيطه العربي بشكل عام.
يتجه اليمنيون نحو العام جديد حاملين معهم خيبات تسع سنوات، وطعنات أدمتهم وتدميهم وتمتص قوتهم ودماءهم على يد الحوثية والإخوانجية، مرددين لعنات لا نهاية لها ضد كل ذي صاحب قدرة وقرار باستطاعته سحق إحدى الجماعتين لتنتهي الجماعة الأخرى ذاتيا.