يعاني اليمنيون في المحافظات الشمالية بؤساً لم يسبق لهم أن عرفوه طيلة حياتهم نتيجة السادية التي تمارسها عليهم جماعة الحوثي الإرهابية، في مختلف جوانب الحياة.. كما يعانون من حالة "مسخ" فكري وثقافي، ومحو للوعي الوطني بطريقة ممنهجة تنفذه المليشيا بالتعاون مع حزب الإصلاح "الفرع المحلي لجماعة الإخوان المسلمين"، وفقاً لمخططهم المتفق عليه فيما بينهم بإستهداف كل فرد أو حزب أو جماعة لا تؤمن بولاية المرشد أو خلافة السلطان.
وبينما تعيش نخب الشمال حالة التوهان ودفن الراس في الرمال، والتخلي عن القيام بواجبها المقدس تجاه الوطن، نجد أن أبناء المحافظات الجنوبية يقدمون دروساً لن ينساها التاريخ في دك أوكار الإرهابيين من الحوثيين أو الإخوان، وطهروا مناطقهم من شر أولئك، بل وشرعوا في التقدم نحو المحافظات الشمالية مساهمين ومساندين وسباقين لتخليص الشماليين من إرهاب الكهنوت والتطرف، وها هي قواتهم تطرق أبواب إب، ولكن دونما أي إسناد أو تحرك من النخب الشمالية لتوحيد الجهد نحو الخلاص، ولعل ذلك يعود لاستسلام النخب لحالة المسخ الحوثي - إصلاحي.
خلال خمس سنوات من الظلم والظلام يعيشها الشعب اليمني علي يد الحوثيين ارتكبت بحقه كل جرائم الدنيا، قتلاً وخطفا وتفجيرا وتهجيرا، ونهب مرتبات الموظفين وإيرادات الدولة، بل طال النهب جيوب المواطنين ومدخراتهم الخاصة تحت مبرر منع تداول العملة الجديدة، وتضييق الخناق على المواطنين بشتى الطرق دون أن نرى أو نسمع أي تحرك من قبل "الشرعية" الخفيفة تجاه مواطنيها إن كانت تؤمن أنها شرعية تتحمل مسؤولياتها تجاه الشعب بأكمله.
خمس سنوات والحوثيون يلاعبون الشرعية عبر "الإصلاح"، ويفرضون أنفسهم كسلطة أمر واقع لا مناص من التخلص منها نظراً للاستهتار الذي تتعامل به الشرعية الإخوانية والاستثمار الحاصل للجبهات من قبل القيادات العسكرية المنتمية لعلي محسن وليس لليمن، ملاعبة الحوثيين وتلاعبهم باليمنيين ومصيرهم ما كان له أن يكون لولا التفاهمات والأهداف المشتركة بينهم وبين الإصلاح، فكلاهما يشترك في عقلية العمل المليشاوي، والحقد على مؤسسية الدولة والرغبة في الانتقام ممن يرفع اسم اليمن ومستقبله كهدف أسمى، ولذا نسمع خطابات الشحن وإيغال الصدور ضد قوات المقاومة المشتركة "حراس الجمهورية" من قبل الإصلاحيين، وصولاً لنشرهم أخباراً مفبركة عن اقتتال في الساحل، في تشابه تام مع ما قام ويقوم به الحوثيون من حملات تهييج وتأليب ضد ذات القوات تحت كذبة عنوانها "الاغتصابات"، متناسين أن المواطن يعلم من هي الجهة التي أشارت لها عدة تقارير أممية بأنها تقف خلف اغتصاب الأطفال وكذلك الاعتداءات على النساء!!
وسوف تستمر سياسة الإشاعات والكذب وتزييف الحقائق ومسخ الوعي الوطني لدى المجتمع بإدخال ثقافة دخيلة تمجد التبعية لأردوغان، وتزين العمالة لإيران وفق شعارات براقة تصطبغ بصبغ دينية تهدف لتحويل اليمنيين إلى وقود وحطب لمعارك ما يسمونه كذباً "محور المقاومة" وعبيد تحت مبدأ الولاية، أو خلافة السلطان العثماني الجديد، أما اليمن وتاريخه وسيادته واستقلاليته فلا حاجة لهم به.