سألني صديق ممن كتب الله لهم "الجنة" بأن وفقه للوصول إلى كندا في 2013، عن أحوال اليمن!! وطلب أن أوصف له الوضع كونه كما قال لا يثق في ما يقرأه عبر الصحف وكذلك ما يدونه ناشطو مواقع التواصل، نظراً للمبالغة والسوداوية التي يجدها طي ما ينشرونه!
حينها لم أجد طريقة أرد بها عليه، سوى أنني قلت له لك أن تعذرني ألف مرة فأنا لست قبيحا أو كاتبا سوداويا، لكني سأخبرك بما نعيشه واقعاً نخشى أن يكون لنا قدرا، ويكون علينا فرضاً بمشيئة العملاء وبريطانيا وجهل وغباء من نتوسم فيهم خلاصنا من الأطراف اليمنية المؤمنة بالإنسان والجمهورية.
يا صديقي إن ما يجول في صدري وصدر كل يمني هنا، أننا نعاني الأمرين من جماعات دينية أهلكونا بفتاوى العهر، ويحاولون بشتى الطرق كسرنا وتنميطنا وخلق الرعب فينا وتحويل المجتمع كما أورده الروائي العظيم جورج أورويل في روايته 1984 تماماً.
عن أحوال اليمن أخبرك بأنه ظهر السارق والفاسد، والمرتشي والظالم، وآكل الحرام، ومدعي الحق الإلهي والديكتاتور، والمجرم، والخائن والمهزوم بثوب الوطنية يتدثر، وبالدين يتلبس، وبأكذوبة العداء لامريكا أعلنوا أنهم أسياد الوطن، ويصرون فوق ذلك أن يذهبوا أبعد مما تتصور في تدمير الوطن، وقتل الحياة، وزراعة الخوف وتقديم الموت كوجبة يومية مجانية!
أما إذا أردت أن تعرف نخب الشمال القبلية والعسكرية وأين ذهبت شطحاتهم وعنترياتهم، فلك أن تتصور يا صديقي بأن أولئك باتوا لا يقوون على قول سوى أن "الحمار في زريبته يفعل ما يشاء".. وهم زريبة يفعل بهم الحوثي ما يريد ولا نخوة لهم ولا إرادة في الخلاص!!
إن قلت الحق وانتقدت خفة وفساد وعجز "الشرعية" التي ينخرها ويحركها الإخوان، كشر في وجهك ألف إصلاحي، وإن طلبت حقك في صنعاء صاح عليك ألف حمار "حوثي"، وإن قلت وطني فستجد المؤمنين به محاربين يتكالب عليهم الإخوانج والحوثيون، وكل يوصمه بما هو فيه ما بين خائن ومرتزق أو منافق ومندس، وعجبي أن ينعت الملوثون غيرهم بما هو فيهم ويتبعهم قطعانهم في ذلك.
أما إن أبديت رأيك بإنصاف عن الحرية والكرامة والإنسان يا صديقي، فسيظهر لك الف والف، مما لا يروق لإنسان كل في جلبابه المتسخ يرى نفسه ملاكا... أتعرف أين تكمن مصيبتنا؟
أننا لا نعرف واقعنا، وإلى أين وصلنا؟! لا نفكر كيف أخطأنا وأين أُصبنا؟
ولا يسأل الناس ولا الحكومة ولا المجتمع الدولي جميعهم لا يسألون هادي كيف يدير الدولة؟! ولا يلتفت التحالف والأمم المتحدة للإخوان وكيف ينهبون المال العام؟
لا أحد يفهم حال الوطن وشكوى المواطن الرازح تحت نير جماعات تعشق الماضي وتجتره ويطمح أحدهم لإعادتنا للانتقام من "يزيد" ويعمل الآخر على تقديمنا لقمة سائغة للعثمانيين.
ولذا عندما تعترض وتثور لأجل كرامتك ووطنك ومستقبل أبنائك، يظهر ألف مثبط، ويختلق لك الإصلاح ألف معركة وهمية وثانوية لتشتيت تركيزك، وعناداً في الحق وكراهية للتحرر وانتقاماً من الشعب تعلن هذه الجماعات "الحوثي والإخوان" الحرب عليك مرة ومرات، ويستميتون في إظهارك انك المنبوذ، وانك صاحب كل الاتهامات، وانك خارج عن الصف الوطني ليس لسبب، سوى أنك تعادي زيفهم، تحب الحياة، تريد وطناً للجميع، ودولة عادلة، ومواطنة متساوية، وحقوقا وحريات مكفولة.
هل عرفت الآن يا صديقي لماذا نحن متخلفون؟ متراجعون، مهزومون أمام الحياة بحاضرهم والمستقبل.
تدقنا قنابل الحوثي وصواريخه وخيانات الإصلاح وفساده وإقصائيته دون صراخ حتى دون رد.. دون نخوة.. ودون عتاب.
لقد خذلتنا النخب السياسية التي عولنا عليها، وأفزعتنا حالة التبلد والهوان التي تعاني منها نخب الشمال وقبائلها، لقد قتل في بلادنا أغلب الشرفاء بصمت النخب وأحقادهم وخلافاتهم، وصلبوا كل حر في زنازين الموت ليسكتوا كل قول، ويخنقوا كل حلم.
ونحن كشعب أضاعته نخبه واستسلم لسلبيته ما زلنا ننتظر أن يخلق لنا قائد جديد يوحد الأحرار حوله، كي يعلمنا الأحرف الأولى في الكرامة والنخوة، وفي الحرية وحب الوطن.