د. عبدالصمد الصلاحي

د. عبدالصمد الصلاحي

اليمن.. حرب لإنهاء الانقلاب أم لإقامة دولة الخلافة؟!!

Thursday 23 January 2020 الساعة 07:24 am

كنا نعتقد أن حرب الشرعية ضد الحوثيين كانت لاستعادة الدولة اليمنية والسيادة الوطنية. ولكن لم يكن في الحسبان أن تتحول إلى حرب دينية لضم اليمن إلى دولة الخلافة الإسلامية..!

مشروع كلفته باهظة من دماء اليمنيين ومستقبل الأجيال الحالية والقادمة، ويقودنا إلى الهاوية تحت تأثير الشطحات الإيديولوجية الوهمية.. يا قافلة عاد المراحل طوال.

في اليمن كأننا نعيش في مرحلة فراغ دستوري وبدون دولة، فالسلطات الثلاث معطلة ولا تقوم بمهامها، وما يوجد هو فقط مجاميع مسلحة تابعة لأمراء حرب وممولة خارجياً وتقاسم جغرافيا اليمن وكل تشكيل مسلح فارض سيطرته في نطاقه الجغرافي ويتصرف بكل أريحية.

لا رواتب ولا أمن ولا حتى عملة موحدة، وكل نطاق جغرافي يحتكم لقانون ورغبات ونزوات التشكيل المسلح المسيطر.

كلا الطرفين (الشرعية والانقلابيين) يراهنون في استمرارهم على غباء وخنوع الشعب.. هم يعرفون جيداً من هو هذا الشعب الذي تجمعه طاسة وتفرقه طماشة والأحرار قليلون.

حتى أولئك الذين ينتمون إلى أحزاب سياسية هم أيضاً لا يختلفون كثيراً فهم يجمعهم ويفرقهم الأمر الحزبي ولا يختلفون بذلك عن رعية الشيخ، زبائن المقوت.

كل من الشرعية والحوثي يدركون أن هذا الشعب إن أردته أن يثور فعليك أن توفر له سيارة لنقله للساحة وسيارة لإعادته، وإذا أردتهم أن يستمروا في اعتصامهم عليك أن تجهز لهم خيما ووجبات وإلا لن يستمروا بالمرة.

كلا الطرفين يعرفون جيداً هذا الشعب بأنه متشظٍ مذهبياً ومناطقياً وحزبياً، وفهمهم هذا نابع من كون أنهم أتوا من رحم النظام السياسي القديم وكلهم كانوا حكاماً بطريقة ما، وإذا لم يكونوا حكاماً فقد كانوا إما مخبرين مع النظام أو مستشارين للنظام وبالتالي هم امتداد وليسوا طفرة فهم يشتغلون بنفس الآلية، والشاهد في ذلك ممارساتهم للفساد ما تزال مستمرة وعليكم فقط أن تضعوا قائمة بالأسماء لتدركوا من هؤلاء.

الطرفان يعرفان أن من يتحدثون وينتقدون هم قلة قليلة لا يستطيعون أن يحدثوا أي تغيير كون المال هو الحاكم والمتحكم والشعب قابل لتأجير نفسه مع من يدفع سواء كان الممول من الداخل أو من الخارج.

حالة إضافية تفاقم الوضع وهو العمالة التي انغمس فيها اليمني سواء ككيانات سياسية أو اجتماعية أو كنخبة وهؤلاء الأخيرون هم من يديرون القطعان لتتحرك أو تسكن.

عمركم شفتم كائنا بشريا يزج بنفسه في معركة مقابل 2000 ريال في اليوم ليقاتل من أجل تنصيب أشخاص كحكام أو استمرار حاكم؟

حالة من الغباء المتراكم التي تجعل من اليمني إما مريداً لرجل دين أو زبونا لتاجر أو مرافقا أو رعويا أو عضوا في حزب أعمى بصيرته مبدأ السمع والطاعة..

أما التحالفات الحزبية السياسية فهي الأكثر عاراً في هذه المرحلة...

تحالفات من أجل ماذا؟ لم نعد نعرف؟

ما هي القيمة الوطنية التي تبرر استمرار هذه التحالفات؟

صحيح أن السياسة هي فن الممكن، ولكنها تصبح انحطاطاً حينما تفضي ممارستها إلى توفير غطاء للجلادين والكذابين والفاسدين واللصوص والقتلة الذين لم يدعوا جريمة الا واقترفوها.

اشبعوا بتحالفاتكم فلم نعد نحترم أي حزب.. ولم تعد أحزابكم تهمنا، فلقد أثبتم أنكم ضمن منظومة الفساد،

بطلوا مزايدات.. وعلينا لعنة الله لو عاد بنصدقكم.

وعلى قيادة التنظيم الناصري والحزب الاشتراكي والبعث والمؤتمر أن يدركوا أنهم إذا أرادوا توضيح مبررات استمرارهم في التحالف السياسي مع حزب الإصلاح فهذا التحالف لا يعكس اطلاقاً قناعة قواعدهم في مختلف مديريات تعز.

لم نعد ندري على أي قناعة تبنى هذه التحالفات وما هو السر؟

ستخرجون وأنتم تحملون عار هذه المرحلة بفسادها وبجرائمها ضد أبناء تعز.. لن نسامحكم.

كما أن قليلا من منطق الواقع يجعل من ادعاء المتأسملين بأن المشكلة هي نقص دين وليست نقص تنمية مجرد مغالطة منطقية.

الصين التي هي الآن ثاني اقتصاد في العالم ومن أقوى الدول وأكثرها تطوراً تحكم وفق نظرية ماوتسي تونغ الشيوعي فماذا فعل المتأسلمون في الوطن العربي؟

 إن النهضة تحتاج إلى عقول تفكر وأيد عاملة تعمل وحكومة نزيهة..

هذه هي سنن الحياة التي اقتضاها الله.. العمل والعلم والنزاهة والأمانة...

المتأسلمون لا يمتلكون أي مشروع نهضة وليسوا رجال دولة.

وعندما أتحدث عن الإسلام فأنا أتحدث عن الإسلام الذي تعلمته من أبي ولا أعرف شيئاً عن الإسلام الذي يقدمه المتأسلمون.. أعرف أن أركانه خمسة وأعرف أن الدين المعاملة وأن الشريعة في مجمل أحكامها أتت لتحافظ على العقيدة والنفس والمال والعرض والعقل.

أعرف أن الإسلام هو دين الله الذي تعهد بحفظه وليس هناك أوصياء، وأعرف أن هناك فرقا بين سلطة الملك وبين دور رجل الدين.

أتعامل مع رجال الدين في أي حزب بأنهم أعضاء حزب زيهم زينا يعني حتى وإن حاولوا تقديم أنفسهم كرجال دين فهذا شأنهم ولسنا ملزمين بما يقولونه.

 يعني بصريح العبارة نتقبل النصيحة والحديث عن الدين عندما يأتي من رجل دين غير منتم حزبياً.

نأخذ الإسلام من أمهات الدين.. من كتاب الله وأحاديث رسوله وما عدا ذلك هو اجتهاد فقهاء يحتمل الصواب والخطأ والغرض منه التيسير وتوضيح ما تشابه على الناس. 

نحن إذا مسنا الضر نسأل الله وندعوه دون وسيط، وما رجل الدين إلا بشر لا يصل إلى مرحلة الكمال لأن الكمال صفة إلهية ولا يستطيع تزكية نفسه كما لا نستطيع نحن أيضاً تزكية أنفسنا. 

الخلاصة.. أنه روحوا دورا لكم بقرة تلحسكم فلسنا جاهلين بديننا بل نعرف الله أفضل منكم ونخشاه (لا نسرق ولا نزني ولا نشهد الزور ولا نقتل النفس التي حرمها الله ولا نأكل مال اليتيم ولا نكذب ولا نغش).. فهل هناك إسلام غير هذا الإسلام؟ 

في الأخير.. تعالوا نفرش ما نعرفه وما تقولونه على بساط الحقيقة ومرجعيتنا كتاب الله وسنة رسوله بما صدر عنه من أقوال وأفعال، فهو نبي الله الواجب اتباعه وليس غيره فلا نبي بعده، وقد قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم (تركت فيكم اثنين ما إن تمسكتم بهما فلن تضلوا بعدي أبدا.. تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها الا هالك). وقال الله سبحانه وتعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا).

وهنا هو مفهوم اكتمال الدين وما بعده ليس إلا اجتهادات الفقهاء أنفسهم أقروا بأنهم قد يكونون على صواب أو على خطأ..

يعني أن ما لديكم الآن هو عبارة عن أفكار سياسية للحكم وليست لإقامة شرع الله، وقد قالها قبلكم الخوارج والشيعة والمعتزلة وغيرهم من الملل والنحل. 

* جمعه نيوزيمن من منشورات للكاتب على صفحته في الفيس بوك