يقيناً أن من أشعل جبهة نهم ليس الجيش أو التحالف، بل مليشيا الحوثي وذلك بعد تخطيط وإعداد كبيرين خلال فترة الهدنة غير الرسمية أو غير المعلنة والتي استمرت لأكثر من عامين، درس الحوثي فيها أخطاءه وأعد عدته متكئاً على تفاهمات ومستجدات داخلية وخارجية كثيرة ومن أهمها التقارب بينه وبين الإخوان، والتفاهمات الإيرانية التركية القطرية أيضا.
لو كانت قيادات الجيش هي من أعدت لهذه المواجهة، لكانوا رسموا خطة عسكرية محكمة أهمها إشعال كل جبهة يتحكم فيها "علي محسن" وحزب الإصلاح، من أجل إشغال الحوثي وتشتيته وتأمين مأرب بصورة أكبر والتقدم نحو ريف صنعاء على الأقل كبني حشيش وأرحب، حتى لا يتفرغ الحوثي لجبهة واحدة بينما الأخريات في حالة إسبات.
لا يمكن أن يلام المقاتل الشامخ في جبل نهم وشعابها ووديانها، فهو المتعطش للنصر والقادر عليه، ولكن ما حيلته وهو المخذول والمغدور من القيادات، ماذا عساه أن يفعل وكم يمكنه أن يصمد وذخيرته تنفد دون أن تقوم القيادات العليا بالإسناد الحقيقي والمدد المستحق لتحقيق النصر وكسر الحوثيين؟!
ماذا يمكنه أن يحقق وهو يقاتل منفرداً بينما بقية الجبهات خاملة، يسحب الحوثي أفراده منها ليدفع بهم باتجاه "نهم" في حالة متكررة اعتاد عليها الحوثي وهي الانفراد بجبهة جبهة، في ظل شرعية تتفرج دون ان تقوم بشيء فعلي يساند المقاتلين ويخفف من ضغط الحوثيين عليهم!!
عندما أشاهد مطالبات الإخوان وناشطيهم للقوات المشتركة بضرورة التحرك وتفجير الوضع المتفجر أصلا في الساحل، أتساءل وماذا عن صرواح وميدي، وقانية ورازح، وطربال الحوبان وخطوط التماس في تعز في ظل ما نسمعه بأن الحوثي سحب "مرتزقته" منها ليعزز بها في نهم والساحل؟! لماذا لا يطالبون بتحريك كل الجبهات ويضغطون على قياداتهم الحزبية المتحكمة في الشرعية لكي يعلنوا دفن "اتفاق استكهولم الميت" وحينها تبدأ المعركة الكبرى من شارع صنعاء في الحديدة إلى تعز والضالع والبيضاء ومارب والجوف وميدي ورازح، حينها لن يقاوم الحوثي وسيصرخ وجعاً وألماً، والشرعية تتناغم مع الجبهات ولا تكترث بضغوط المبعوث الذي سيأتي من أجل الحوثي مغيثا ونصيرا.
ولكن.. هي شرعية الفشل وقيادات تشربت بالحقد والخذلان متكئة على جمهور حزبي نفعي، لا يهمه اليمن بقدر ما يهمه نجاح المخطط القطري التركي، ولا يعنيه انكسار نهم وخذلانها بقدر ما يخيفه انكسار "فايز السراج في ليبيا"، شرعية فاسدة مرتهنة لجماعة تؤمن بالتنظيم لا بالوطن، تعشق المقايضات وتعمل عليها، ولا أبالغ أنهم يعملون على مقايضة مأرب بالحديدة، وسيقايضون أي منطقة بالحديدة والساحل عموماً، ولا يجب أن ننسى أن الإخوان هم أكثر جهة تهيج ضد الساحل ورجاله، وجندت وما زالت، واليوم يطالبون بتحريك جبهة الساحل التي أوقفوها حقداً، ولا نسمع أي رغبة لتحريك جبهات أخرى أو حتى إسناد أبطال نهم بمن أرسلوهم جنوباً إلى شبوة وأبين أو بمجندي معسكر يفرس أو الحشد الشعبي!