كانت الوساطات من القبائل العربية تأتي للزير أبو ليلى المهلهل، لعلهم يجدون مدخلا وتنازلا ينهي حرباً استمرت أربعين سنة هو طرف أصيل فيها.
فكان في كل مرة يرد عليهم بأن ينادي "يا يمامة.. ماذا تريدين؟!".
ترد بكل بساطة: "أريد أبي حياً".
وتستمر المعركة نظراً لاستحالة تنفيذ طلب اليمامة.. ولعل هذا ينطبق حرفياً على الأطراف المتصارعة في بلادنا، كلهم يرحبون بالوساطات، ولكن لكل منهم مطالب تعجيزية، قد تكون وسيلة للهروب للأمام، فلا هم أوقفوا حرباً ولا هم انتصروا فيها واستعادوا الوطن..
حتى في ما يسمى "وحدة الصف" بين بقايا الإصلاح وبقايا المؤتمر، كل واحد يغني على ليلاه، متناسين أنهم أصبحوا منفيين، لا مكان لهم في أرض الواقع التي فرضتها الأحداث.
فالإصلاح في الحقيقة غير متقبل للمؤتمر وغير مستعد التكفير عن ما ارتكبه بحق اليمن والشعب، وغير مستعد ايضاً للتخلي عن أيديولوجيته الدينية المتطرفة، وعقلية الغدر والانتقام والإقصاء التي يمارسها بسادية غير مسبوقة.
فالواقع أثبت أن الإصلاح لا يتحرك نحو أمر إلا لمجرد الهروب مما يحيق به، وأحياناً من باب النفاق والمغالطة، كي يظهر أنه حريص على المصالحة التي يرفضها بكل معانيها، وما يحدث من تلكؤ في تنفيذ اتفاق الرياض خير دليل لرغبة الإصلاح في توحيد الصفوف والجهود.
وحدة الصف لدى الإصلاح تعني التبعية لهم، والانخراط في مخططهم لاستهداف الجنوب، ونهبه وإقصاء أبنائه، بالإضافة أن مفهوم وحدة الصف لديهم بالتأكيد يحمل عدائية لطرف، قد يكون مثلاً القطيعة بعهد زعيم المؤتمر وأبنائه ومن تبقى من رجاله، وحتماً ويقيناً لن تكون وحدة صف ضد الحوثي، كون إرادة الدوحة لا تريد ذلك.
أما بقايا المؤتمر، أو لنقل المؤتمريين "التجاري"، فهم لا يتعلمون من الماضي والحاضر، وأخشى أن لا يتعلمون للأبد، أو يؤثرون على إقحام المؤتمر "المؤتمر الوكالة"، ويسحبونهم لمربع التخندق مع الإصلاح، ويتقبلون الأخ غير الشقيق علي محسن كقائد روحي أيضاً، ولا أدري على ماذا يريد بقايا المؤتمر الوحدة مع بقايا الإصلاح!! رغم أننا لو حسبناها بمنطق أو بعاطفة لن نجد ما يدفع نحو ذلك، فالإصلاح يريد أن يتحد مع المؤتمر ورقياً أما ميدانيا فهو متناغم مع الحوثيين، يريد الإصلاح أن يمنح المؤتمريين الأحلام وقد منح الحوثيين السلاح وما جرى من تسليح للحوثي عبر ما خلفه الإصلاح في نهم والمفرق والجوف ليس ببعيد.. يقبع أعضاء المؤتمر في سجون الإصلاح في مأرب، واحرق مقره في تعز علي يد الإصلاح، وما زال الإصلاح وقياداته يخططون مع الحوثي كيف ينقضون على الساحل الذي يعد أملا لغالبية المؤتمريين.
يتوحدون على ماذا، لا نعرف، وما الذي ما زال بيدهم وهم مشردون أن يفعلوه، خصوصاً في ظل تمسك الإخوان بذات القيادات الخائنة والخاذلة الغادرة، لم يتحد المنفيون منهم في فنادق الرياض لحد الآن، كل واحد منهم ينشر ويشنع بالآخر، ويرفضون حتى مجرد رسالة رئاسية لرفع العقوبات عن نجل صالح كحسن نية، وقلك يتوحدون.
أحزاب المنفى والعاهات والنطيحة والمتردية يغردون خارج المنطق وبعيداً عن استحقاقات المرحلة وحقائق الواقع ولا يدركون أنهم لم يعودوا سوى شخصيات متهالكة مستعملة أنهكها الفساد والفشل.