لم تنفك الكثير من الصحف والمواقع الإلكترونية والقنوات الفضائية "الشرعية"، عن كيل الاتهام تلو الاتهام لدولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة، التي كان لها بجانب المقاومة الجنوبية الدور الحاسم في هزيمة المشروع الحوثي في محافظات الجنوب مثلما أسهمت بوضوح وقوة في تحرير مأرب وصرواح ومناطق من محافظة الجوف إلى جانب القوات السعودية والمقاومة الوطنية في تلك المناطق.
وتأتي هذه الاتهامات لشمل كل شيء مما يمكن تصديقه من قبل بعض البسطاء وما لا يمكن تصوره حتى من قبل الجهلة والأطفال، في محاولة لإقناع المتابعين أن هناك "مخططاً إماراتياً" لـ"تمزيق اليمن"، وللاستحواذ على الموانئ اليمنية ونهب ثروات اليمن واحتلال الجزر اليمنية، ودعم المشروع الحوثي الإيراني في اليمن، ووصل الأمرالقول أن سقوط بعض المناطق في مأرب والجوف بيد الحوثيين جاء بسبب مؤامرة إماراتية تستهدف تمكين الحوثيين من مناطق الشمال وتسهيل بسط المشروع الإيراني على جنوب اليمن.
كثير من الترهات لا يمكن الرد عليها لأنها ببساطة ترهات تحمل في داخلها ما يعري مضمونها ويكشف زيفها، لكن مفبركي هذه التخريجات يتصيدون في بعض المواقف التي يتكتم عليها التحالف العربي بطرفيه الرئيسيين (السعودي والإماراتي) هذه المواقف التي تقتضيها في كثير من الأحيان، ضرورات المعركة العسكرية ومتطلبات عدم البوح بكل ما قد يؤدي إلى تقديم خدمة مباشرة أو غير مباشرة للطرف الانقلابي المدعوم من إيران الذي عجز هؤلاء المتقولون عن زحزحته شبراً واحداً لولا التحالف السعودي ـ الإماراتي.
لسنا بحاجة إلى التذكير بأن القوات الإماراتية في اليمن لم تكن إلا جزءًا من قوات التحالف العربي الذي شن عاصفة الحزم وإعادة الأمل بناءً على طلب الرئيس الشرعي عبد ربه منصور هادي، ولم تأت تلك القوات غاصبةً أو محتلةً ولا غازية أو ناهبة، كما يفعل الغزاة اليمنيون في كل حالة غزو، أما مقولة أن الإماراتيين جاءوا لينهبوا أو يستولوا أو يستحوذوا فهي تكشف عما يضمره العقل الباطن، لمن ينشرون هذه المقولات، لأنهم اعتادوا على أن العسكري هو ناهب وسالب ومغتصب ولم يتعرفوا على قادة يمكن البحث عن قيم الفضيلة والشجاعة والنزاهة لديهم، أو كما يقول علماء النفس عن مرض الإسقاط "Projection" حيث يعتقد المصاب به أن جميع الناس يعانون مما يعانيه.
لقد غادرت القوات الإماراتية أراضي الجنوب وقبلها كانت قد غادرت مواقعها في مأرب وغيرها من مناطق الشمال، وهذه المغادرة تكفي لتفنيد كل التخرصات والافتراءات والتخريفات التي جند لها خصوم الإمارات وخصوم التحالف العربي من "الشرعيين جداً" آلاف الكتبة ومئات المواقع الإلكترونية وعشرات القنوات الفضائية والمحطات الإذاعية، وأنفقوا عليها المليارات بالعملتين اليمنية والسعودية، فلا هي (القوات الإماراتية) سيطرت على الموانئ ولا هي نهبت الذهب والبترول، ولا هي سرقت شجرة دم الأخوين، ولا استولت على الجزر اليمنية، ولا مكنت الحوثي من أن يحتل متراً واحداً من الأراضي التي حررتها المقاومة بمعونة ودعم التحالف العربي، كما روج المروجون وتَقَوَّلَ المتقولون، ويعلم هؤلاء أن انتصارات الحوثي لم تأت إلا بعد الانسحاب الإماراتي واستمرار الخداع في التعامل مع الأشقاء في المملكة العربية السعودية.
وبعيداً عن الخوض في مقولة إن القوات الإماراتية هي من منع الرئيس هادي من العودة إلى عدن، رغم أنه قد عاد بعد ترويج تلك الإشاعة عدة مرات، نقول وبعد مغادرة القوات الإماراتية من الذي يمنع الرئيس هادي من أن يعود ويمارس مهماته من عدن، كما يقول المنطق الاعتيادي وكما تقتضي الحاجة الوطنية، للشعبين في الشمال والجنوب على السواء؟
سيظل الجنوبيون يتذكرون بكل الود والامتنان الدور الإماراتي في دعم مقاومتهم للغزاة الانقلابيين والسخاء في المدد المادي واللوجستي والمعنوي وقبل هذا وبعده الدماء والأرواح الإمارتية التي روت تربة الجنوب واتحدت مع دماء وأرواح الجنوبيين في خوض معركة التحرير، ولن ينسى الجنوبيون كل هذا ما تعاقبت الأزمنة وتوالت الأحداث.
أما أصحاب نظرية "المخطط" فمهما قدم لهم الأشقاء من كرم وحسن استقبال ودعم الجبهات ومواجهة من يدعون أنه يقاتلون ضده، فلن يعجبهم شيء من كل هذا إلا بعد أن يستنزفوا من يدعمهم ليسلموا كل الملفات لأعداء التحالف العربي ثم يذهبوا لإبرام الصفقة مع من يدعون أنهم يقاتلونهم، وعند هذه اللحظة لن تنحصر اتهامات وتهكمات هؤلاء ضد دولة الإمارات وحدها بل ستغدو معها الشقيقة السعودية وبقية دول التحالف العربي، وهو ما قد عبرت عنه مواقف ممثلي نظرية "المخطط" في اسطنبول والدوحة وحتى في عمان وغيرها من العواصم الأوروبية حيث يتقاسمون الأدوار.
*من صفحة الكاتب على الفيس بوك