لم يكن احد يتوقع أن تتم عملية "الاستلام والتسليم" بين جيش الإخوان "الشرعية" وجماعة الحوثي -ذراع إيران في اليمن- بهذه السرعة وبهذا الشكل المفضوح الذي تم الكشف عنه في نهم والجوف، ولم يكن أكثر المتفائلين في مليشيا الحوثي يتوقع أن يتم تمكينهم من كميات السلاح والأموال والذخائر والمعدات التي مكنهم حزب الإصلاح منها في الجوف وقبلها في نهم.
لا يعدو الأمر أكبر من عملية تسليم واضحة قام بها الإصلاح "الحزب المتحكم بالشرعية"، لصالح الحوثي، ونكاية مقصودة بالسعودية خاصة والتحالف عموماً، وفق خطة قطرية مدروسة، تهدف لاستنزاف التحالف أكثر وتقريب الحوثي للحدود السعودية بمساحات شاسعة ليتمكن من إثخانها ولكن هذه المرة ليس بمفرده، بل بتعاون ودعم إخواني لن يقتصر على الانسحابات وترك السلاح بل سيصل عما قريب إلى رفد جبهات الحوثيين بمقاتلي تنظيم الإخوان الإرهابي، ولن يعجز الإخوان في إيجاد مبرر يقدمونه لأتباعهم للتحول الذي يعد له حالياً.
ما خلفه الإصلاح من عتاد في الجوف، يفرض على السعودية خصوصاً إعادة النظر في القيادات الشرعية والحزبية التي تركن إليهم كحلفاء يبيعون ويزرعون لها الوهم لتحصد الخيبات والخيانات في كل مرة.. ورغم أن الأمر تكرر سابقاً في أكثر من جبهة وموقع عسكري من خلال انسحاب جيش "علي محسن والإخوان" كما جرى في العود نكاية بالمقاومة الجنوبية، والحدود ونهم والجوف مؤخراً، إلا ان السعودية لم تكلف نفسها مجرد المراجعة والتقييم، لمعرفة مصير أموالها ودعمها المدفوع للقيادات المهترئة المعروفة بفشلها المزمن.
فالإصلاح وجيشه الحزبي المؤدلج المسمى كذباً ب"الجيش الوطني"، لا يجيد سوى الكذب والفرار، وفي كل مرة يسلمون مواقعهم ويسوقون لذلك بحجة "انعدام الدعم" ونفاد الذخيرة، ليأتي الحوثيون ويفضحون كذب وزيف تلك الادعاءات من خلال ما يتم تصويره من مخلفات لجيش الإصلاح الفارين، وكم من الذخائر والعربات والأطقم والمعدات والقذائف كانت بحوزتهم، وكم كانت كافية للصمود وصد الحوثيين بل والتقدم لعمق المناطق المتبقية تحت سيطرته، إلا أن المخطط القطري المنسجم مع المخطط الإيراني في اليمن، أنتج تفاهمات "حوثية، إخوانية"، على شكل تقدم للأول وتقهقر للآخر، وتستمر معاناة اليمنيين ونهب السعوديين على يد جماعتي الإسلام السياسي في اليمن.