تابعت باهتمام وقلق الأحاديث والقرارات والتصريحات المتعلقة بفيروس كورونا في اليمن وفي الجنوب على وجه الخصوص ومعظمها إن لم تكن كلها تؤكد خلو البلاد من فيروس كورونا المستجد (COVID-19)، ولدي يقين أن كل المتحدثين المختصين لديهم المعرفة الكافية لمعنى انتشار أو عدم انتشار الفيروس وما هي وسائل الكشف والتشخيص بمعرفة الحالة.
نعرف أن حدود البلاد مفتوحة على مصاريعها عبر كل المنافذ (البرية والبحرية خصوصا) الرسمية وغير الرسمية، وأنه لا وجود لأي جهاز متخصص لحصر أو متابعة الوافدين أو القادمين ولا وسيلة لتشخيص هؤلاء والتأكد من خلوهم فعلاً من العدوى وبالتالي يغدو الحديث عن عدم وجود إصابات مجرد تخمين أو في أحسن الأحوال يعني عدم العلم بوجود حالات والفرق واضح بين عدم وجود، وعدم العلم بوجود حالات إصابة، بسبب انعدام وسائل الحصول على البيانات والمعلومات عامةً.
لا أحد يتمنى أن يرى شراً يحيق بأهله أو بغيرهم، لكن ونحن نتحدث عن جائحة عالمية اكتسحت أكثر الدول تقدماً وأعظمها وأقواها وأفضلها نظاماً صحياً، لا يمكننا الابتهاج بالتصريحات المتفائلة المبنية على التمنيات وحسن الظنون التي لا تستند على معطيات وأرقام وحقائق مأخوذة من سجلات مراكز الحجر وبيانات المراصد والمختبرات.
الدول العظمى ذات الاقتصاديات العملاقة والإمكانيات العلمية والطبية والتجهيزات المختبرية الفائقة، تجمد كل أنشطتها وفعالياتها وتغلق مدارسها ومراكزها التجارية ودور العبادة والمطاعم وصالات المؤتمرات والفعاليات الدولية وتحشد كل طاقاتها لمواجهة جائحة كورونا المهلكة، فيما يكتفي مسؤولو حكومتنا الشرعية التي لا اقتصاد لديها ولا خدمات طبية ولا مختبرات ولا أدوات فحص وتشخيص، يكتفون بالتصريحات المتفائلة التي لا تقول سوى تمنيات وظنون في أحسن الأحوال دون اتخاذ أي تدابير تحمي الناس من الكارثة التي تقترب يوما عن يوم.
وعلى الخط الآخر نشرت بعض المواقع المؤيدة للشرعية خبراً مصحوباً بعلامات البهجة والسرور عن وصول لواء مسلح جديد من الحماية الرئاسية إلى مدينة شقرة الأبينية يقوده أحد الذين أشعلوا فتنتي يناير 2018 وأغسطس 2019 وأمعنوا قتلا في المواطنين الجنوبيين ولم يتردد عن التصريح أنه على كامل الجاهزية لمواجهة العدو الحوثي في شقرة تنفيذا لتوجيهات فخامة الرئيس - الرئيس - الذي صار كل هواة الإجرام والقتل يتحججون بأنهم ينفذون توجيهاته ليتبرأوا من جرائمهم وبحملوها فخامته.
إنهم لا يعيشون ما يعيشه العالم ولا ما يعيشه الشعب اليمني في الجنوب والشمال، وما تزال جائحة كورونا بعيدةً عن مستوى تفكيرهم، وحينما يعدون العدة لمحاربة الحوثي في شقرة بعد أن سلموه نهم ومحافظة الجوف، يتفوق عليهم الحوثي في طلب الهدنة وتكريس الجهود لمواجهة كورونا التي كأنهم لا يعلمون عنها شيئاً، بغض النظر إن كان الحوثي صادقا أو كاذبا.
يا هؤلاء!
كورونا ليس فيلقاً عسكرياً لتستعرضوا أمامه عضلاتكم التي ارتخت في نهم وصرواح والجوف.
كورونا جائحة وبائية لم تدع دولةً صغيرةً ولا كبيرة، ولا قويةً ولا ضعيفة إلا واكتسحتها وأقعدتها أرضاً وبرهنت عجز الامبراطوريات العملاقة في مواجهتها،... والمنظمات الدولية لم تعد قادرة على إغاثة أحدٍ لأنها لم تعد تجد من يمولها بعد أن انشغل الأثرياء بحماية بلدانهم ومواطنيهم من هذه الجائحة المهلكة.
فلا تراهنوا عليها ولا تتفاءلوا كثيراً في اتنظار دعمها.
* من صفحة الكاتب على الفيسبوك