جلال محمد

جلال محمد

وقف إطلاق النار هل يؤسس للسلام في اليمن؟

Sunday 12 April 2020 الساعة 10:59 am

يتوق الإنسان السوي بطبعه دوماً للسلام، ويرغب في حياة كريمة وهادئة في وطن مستقر وآمن، يتعايش فيه كل مواطنيه بسلام وعدالة ومساواة ومواطنة متساوية أمام النظام والقانون، دون تهميش أو تصنيف وفرز على أساس عرقي ومذهبي أو مناطقي وقبلي، وهذا كل ما يتطلع له اليمنيون ويريدون التوصل إليه بعد سنوات من التمزق والتشرذم والاقتتال والتخندق السيء خلف مشاريع لا تمت للوطن والوطنية بأي صلة، ولا تخدم الشعب أو تبني مستقبله بأي حال من الأحوال.


خمس سنوات من الحرب والعنتريات والرغبة في إقصاء الآخر وإلغائه وسحقه تماماً لم تنجح رغم سيل الدماء التي قُدمت في سبيل تحقيق تلك الرغبات المنحرفة خصوصاً من جماعتي الإسلام السياسي (الحوثيين، والإصلاحيين)، إلا أن الواقع أثبت لهم ولمموليهم أن الإلغاء والترهيب والإرهاب وكل ما أستخدموه من أساليب الإخضاع لا تفيد ولن تفيد، فاليمن بكل قواه الحية من مختلف المشارب صعب ابتلاعه أو تنميطه مهما أرعدوا وأزبدوا وافتعلوا المعارك وأطالوا أمد الصراع، ففي النهاية لن يصح إلا الصحيح.


منذ أيام أعلن التحالف وقفاً شاملاً لإطلاق النار في اليمن، ولمدة اسبوعين قابلة للتمديد، ولعل هذا الأمر يعد بارقة أمل للتقدم خطوة باتجاه السلام المنشود، والتي لا بد من البناء عليها لجعلها دائمة ومقدمة للخروج من هذا النفق المظلم الذي أدخلتنا فيه رغبات مجنونة طائشة واجترار قبيح للماضي ومحاولة استعادة وضع رفضه اليمنيون منذ اكثر من خمسين عاما والمتمثل في الإمامية السيئة الصيت، وكذلك نتيجة لرغبة جناح الإخوان تحويل اليمن لقاعدة انطلاق لمخططات التنظيم الدولي للإخوان، ومشاريع الدوحة وأنقرة، خصوصاً وأن الرغبتين (الحوثية، الإصلاحية) بتجاذباتها وخلافاتها وتبعيتها المطلقة لدول ترغب في جعل اليمن منطلق إيذاء لجيرانه هما الأساس الفعلي لدخولنا هذا النفق.


ينبغي على كل الأطراف استغلال "الرغبة" الموجودة داخلياً وخارجياً لإيقاف الحرب، والتعامل مع هذه "الهدنة" بجدية ومصداقية، رغم الرفض الحوثي الظاهر حتى اليوم لهذا التوقف المحدد بأسبوعين، واستمراره في شن الهجمات والتخطيط المستمر لمهاجمة جبهات ومحافظات أخرى، ولكن إذا وجد ضغط دولي "بريطاني" حقيقي على الحوثيين لوافقوا والتزموا نوعاً ما، كون التزامهم الكلي مشكوكا فيه نظراً لسجلهم الحافل بكل نقيصة ونكث وخديعة، ويشابههم في ذلك أيضاً الإصلاح (إخوان علي محسن)، وما اتفاقيتي (السويد والرياض) ببعيدتين عنا لنعرف جدية هاتين الجماعتين ومصداقية رغبتهما في تحقيق السلام والانصياع له، لكن لا نملك إلا أن نكون إيجابيين في التفكير والتعامل، والحذر والاستعداد والجهوزية للرد أيضاً حال استمروا في رفضهم للسلام، والقبول بالآخر والاعتراف بتطلعات الشعب واستمرار "استثمارهم" لدماء ومأساة اليمنيين.