ليس الارتزاق الحوثي بشيء جديد، هو فقط يأتي في نهاية سلسلسة الارتزاق، وبشكل أقبح ممن سبقوه ضمن تلك السلسلة، الارتزاق باسم الدين والوطنية، والادعاء الوطني وسائل جديدة أعاد استخدامها الحوثيون لتنفيذ سياسات معينة تتيح لهم التغلغل والحصول على الرضا المجتمعي والسيطرة على الثروة والسلطة.
بدأت سلسلة الارتزاق التي يأتي الحوثيون في نهايتها منذ قدوم يحيى الرسي مع 5000 من المرتزقة الطبرييين في العام 284 هجرية لقتال اليمنيين والسيطرة على الثروة والسلطة، باسم الدين والإسلام، وبنفس الأسلوب الذي يمارس اليوم ضد اليمنيين في إذكاء الصراعات بين القبائل، وشب نار الفتنة بين المجتمع، وإخضاع الناس بالقتل والتهجير والتدمير، وسحق أي معارضة تعمل على كشف حقيقتهم كغرباء عن اليمن ومرتزقة ضد اليمنيين.
استمر حكم الأئمة بالظلم والجور، وكلما ظهرت ثورة ضد حكمهم أستعانوا بالمرتزقة الأجانب، والتاريخ القريب يشهد بذلك، حيث كان آخر الحكام من الأئمة في صنعاء الإمام محمد البدر الذي جلب مرتزقة العالم لقتال ثوار الجمهورية، واستعان بالطيران الإسرائيلي الذي قصف مناطق في صعدة.
تعددت جنسيات المرتزقة التي جلبها الإمام البدر، من باكستان وإسبانيا والأردن ومرتزقة روس، وكانت الخزينة السعودية هي التي تمولهم، وهنا يجب أن ندرك أن الأئمة لا يهمهم اليمنيين ولا مصلحة وسيادة اليمن، ما يهتمون به هو الحكم والثروة واستعباد الناس لخدمتهم ولو كان ذلك يستدعي كل مرتزقة العالم.
شهد التاريخ أن الأئمة الطغاة كانوا يجلبون المرتزقة لإخماد ثورات اليمنيين ضد طغيانهم، ويشهد أن الارتزاق وجلب المرتزقة صفة لا يعرفها اليمنيون وأنها صفة لصيقة بالأئمة، الذين اعتمدوا على الأجانب في كل حروبهم.
اليوم تشهد الوقائع والأحداث أن الحوثيين سلكوا طريق أسلافهم من الأئمة، لكن بشكل مختلف ووقح، كان الأئمة يجلبون المرتزقة، اليوم الحوثيون هم أنفسهم المرتزقة، يقاتلون اليمنيين نيابة عن أسيادهم في الخارج، هذا التحول في الارتزاق الإمامي الجديد، ليس مقتصرا على السيطرة الجغرافية، بل أيضاً محاولة السيطرة على العقل المجتمعي بواسطة الفكر الطائفي الدخيل على الناس.
لكن الأمر الذي التبس على بعض الناس، في كيفية تصنيف المرتزقة الحوثيين بين مرتزقة الرياض أم طهران..!! وهنا يجب أن ندرك أن المرتزقة الحوثيين كانوا يتغذون من الأموال السعودية عبر اللجنة الخاصة أو بطرق غير مباشرة عبر تجارة المخدرات، حيث لعب الموقع الجغرافي لمحافظة صعدة دوراً كبيراً في تمكين السعودية من دعمهم في السنوات الماضية، وللارتباط الكبير الذي لعبته المملكة أثناء قيام الجمهورية في صف الأئمة، باعتبار الحوثيين يسعون لإعادة الملكية.
عندما وجد الحوثيون الفرصة سانحة لإسقاط الدولة والجمهورية، كان لا بد من صناعة المبررات التي توهم الرأي العام أن لا شيء يربطهم بالأموال السعودية، وأن الماضي لن يتكرر مع المملكة، فاستغلت إيران الفرصة لاستقبال الحوثيين كمرتزقة تستخدمهم في تنفيذ مشاريعها، فعملت على ضخ الأموال بعد أن ضخت الأفكار والعقيدة التي يجب نشرها بين الناس، ليتمكنوا من استدراجهم وإخضاعهم بشكل أسرع.
لا يجب أن يستغرب الناس من الشعارات التي يرفعها المرتزقة الحوثيون، هي شعارات زائفة وليست حقيقية، لقد باعوا السيادة التي يتغنون بها، وخانوا الوطن، وفتكوا بالناس قتلاً وتشريداً، لا نزال نتذكر في أول عمل قام به الحوثيون بعد إسقاط الدولة، مغادرة الطائرة الرئاسية إلى طهران وإدخال صنعاء ضمن العواصم العربية التي يسيطر عليها المرتزقة الإيرانيون، فأين السيادة التي يتغنى بها هؤلاء المرتزقة..؟
لا تغتروا بالشعارات الدينية، ولا الصياح الوطني، فالحوثيون مرتزقة إيرانيون من الدرجة الثانية، لا يتحكمون بقرارهم إلا في إطار ما يخدم طهران، مرتزقة فكرياً ومادياً، لا يمتلكون جرأة التفكير، يبيعون الفكر الإيراني بين الناس لخدمة طهران في صراعها مع العالم، مرتزقة رفعوا صور قتلى إيرانيين في شوارع صنعاء وكأنها ضاحية من ضواحي طهران... فأين السيادة التي يتحدث عنها هؤلاء المرتزقة؟
عندما يحين الوقت المناسب ويجد هؤلاء المرتزقة أن الواقع والضرورة تستدعي أن يرتموا في الحضن السعودي، لن يترددوا في ذلك، وسيكون ذلك سريعاً، وسيبدأون في بث الأحاديث التي من خلالها يبررون للناس سبب العودة إلى حضن المملكة، وأن حق الجوار والروابط المشتركة بين اليمن والمملكة هي التي دفعتهم إلى ذلك. المرتزقة الحوثيون يمتلكون القدرة على التلون والتحولات السريعة للارتزاق، إنهم مرتزقة بكفاءة واقتدار.