الحرب الموجعة التي طحنت البلاد بكل مقوماتها، أفرزت في الوسط المجتمعي الشمالي حالة من الوعي والإدراك تجاه الجنوب وما يحشد ضده من أجل الاجتياح، هذه الوعي الغائب في اجتياح 94 له أثره الإيجابي في الوجدان الجنوبي، وتطور يُكسب المعركة ضد الجماعات الإرهابية في الجنوب والشمال قوةً تتحرك بها، ودافعاً يعزز من المقاومة الناعمة تجاه كل ضرر قد يلحق بالجنوب أو الشمال.
الاستعداد الإخواني المكثف والتهيئة المستمرة للاجتياح الثاني للجنوب، عملية لا يدرك المحتشدون للغزو نتائجها التي ستكون سلبية عليهم، لم يعد الوعي الشمالي يغفل الحقيقة، ولن تنطلي عليه المبررات الواهية التي يسوقونها من أجل الاجتياح.
ليس هناك من يؤيد الإخوان في اجتياح الجنوب، لقد استيقظ المجتمع وبزغ الإدراك في الوعي الشمالي الذي اتحد بقوة مع الجنوب، ورفع الصوت ضد أي محاولة للغزو والحرب، ليس هناك من خطر على الشمال يأتي من الجنوب، لأن الخطر الحقيقي الذي يتربص بالجميع هو الكامن في صنعاء كالشيطان.
من يرِد أن يدخل التاريخ ويحقق لهذه البلاد منجزاً فعليه أن يتحرك لتحرير صنعاء وإسقاط الحكم الطائفي والعنصري، ومن يرِد أن يخرج من التاريخ وتلعنه الأجيال فعليه أن يجتاح الجنوب، ولن يجد مع ذلك إلا الهزيمة وسخط الناس وازدراءهم.
حاول الحوثي أن يسقط الجنوب ويغتصب صوت أهله وبنادقهم، فعجز عن ذلك، ولم يجن إلا الهزيمة والعار، وما زالت إلا اليوم تلاحقه لعنة الشماليين قبل الجنوبيين، ويحاول اليوم الإخوانيون الذين لم يتعظوا، ولم يدركوا أن لا أحد اليوم يقف في صفهم، وليس هناك من يؤيد وجودهم ومحاولة احتلالهم للجنوب، بينما الشمال يرزح تحت قبضة المغتصب الشيطان الذي يمسك بيمناه القرآن وبشماله أعناق الناس.
يدرك كل شمالي حقيقة الإخوان تجاه الجنوب، كما يدرك حقيقة الحوثيين تجاه الشمال والجنوب معاً، كلها أطماع ونفوذ وسلطة وثروة، لم يعد بإمكان أي جماعة أن تخدع الناس، هناك وعي حاضر يقود الناس إلى رفض كل مشاريع الإخوان والحوثي، هذا الرفض ليس حالة فجائية إنه نتيجة طبيعية للتجارب السابقة التي خُدع الناس فيها.
هذا صوتي شمالي يرفض فكرة الاجتياح الإخواني للجنوب، ويرفض الإذعان بقوة السلاح، ليس في عدن ما يهدد حياتي ومستقبلي، وليست عدن هي من أسقطت الدولة وسلبت الحرية ونهبت المرتبات، ليس الجنوبيون من فجروا منازلنا وهدموا مساجدنا، ليس أبناء الجنوب من بغوا علينا وغدروا بنا وفتكوا بالمجتمع.. فلماذا تريدون قتالهم وغزو مدنهم؟!
كشمالي تجاه الجنوب لا أمتلك إلا صوتي الذي أدافع به عن الحق والحقيقة، في خاصرتي خنجر الحوثي وفي ظهري خنجر الإخوان، استفردوا بحياة كل شمالي حر، وأضرموا المواجع والخراب، أحاول أن تكون لي بندقية من أجل صنعاء، وهذا صوتي أقاوم به دفاعاً عن عدن وأهلها.