نحن اليوم في ذروة المعاناة والوجع، سحقتنا الحرب والمجاعة طيلة الست السنوات الماضية، تجرعنا الهزائم والخذلان من قيادات مارست الكذب والخداع، واليوم تضاف جائحة كورونا إلى جوار أخواتها الملعونات الحوثية والإخوانية، جوائح سلبت معالم هويتنا وبلادنا، تمزقنا، وتشظت عُرى المجتمع، حاولنا نتمسك بالحياة فخذلتنا كما خذلنا أنفسنا.
كورونا ليس بأخطر مما قد شاهدناه، وليس بأعنف مما قد عانيناه، هذه الحرب مفجعة وموجعة، تساقطنا صرعى من الجوع، في الوقت الذي سرقوا طعامنا ونحن في لحظة وهمية من الأمل الزائف، استشروا بأفكارهم الخبيثة في أجسادنا كما السرطان، هتكوا ودمروا وباعوا واشتروا.
هذا الفيروس الذي جاء إلى المساكين وهم بلا وطن، وبلا طعام وبلا حلم كبير، خناجر الفاسدين تمزق أكبادهم، وسطوة الميليشيات تنحر أعناقهم، هؤلاء المساكين كان لديهم بلاد اليمن، أصبحوا اليوم لا يعرفون لها اسما، أذابتها الحرب كما أذابت أجسادهم وأحلامهم، سيكون كورونا عليهم أخف الجوائح وألطفها.
لا نعرف كيف أن نواجه هذا الفيروس، ليس لدينا ما يقينا منه أو يمنعه من الانتشار، ليس لنا دولة تحمينا، كل ما نملكه مليشيات تسطو على حياتنا، وجوع يأوي منازلنا، كيف نصنع حجراً صحياً ونحن بلا أكل وشرب، وليس هناك من يطعمنا أو يحقق لنا مطالبنا في البقاء على قيد الحياة في ظل الحجر الصحي المزعوم في هذه البلاد..!!
ماذا بأيدينا لنواجه هذه الجائحة اللطيفة، نحن الغلابى والمطحونين، أي وعي هذا الذي يجعلني أن أموت داخل بيتي من الجوع بسبب الحجر الصحي على أن أموت وأنا أبحث عن لقمة العيش لأولادي بسبب الفيروس..؟!
لا أحد يهتم بنا، يجب أن لا نصدق أنهم يخافون علينا من كورونا أو الموت، لو كانوا كذلك، لما استمروا طيلة السنوات الماضية يقتلون فينا ويسلبون أرواحنا ويسرقون مرتبانا وطعامنا، ويهدمون منازلنا ومدارسنا ومساجدنا، إنهم يريدون من خوفهم المصطنع علينا سرقة ونهب أموال المساعدات التي تأتي باسم كورونا، ملايين الدولارات تذهب إلى أباطرة الحرب لا نعرف لها طريقا إلينا نحن الغلابى.
لا يأبهون بحياتنا، سواءً جاء الموت بكورونا أو على أيديهم، نحن ضحايا أفكارهم، وخططهم ومشاريعهم، حياتنا أصبحت في المعتقلات والزنازين المظلمة، في البيوت التي لا سقوف لها، حياة تثير شفقة السماء وأرواحنا تصعد إليها كل يوم، جعلوا حياتنا موتا يتسلون به، ويشبِّعون غريزتهم الشيطانية من دمائنا وهي تسيل بين أيدهم، حياتنا ليست ذات قيمة لديهم.
لا فرق لدينا كمواطنين بين هذه الجوائح الثلاث: الحوثي والإخوان وكورونا، وربما الأخير سيكون أرأف بنا من بطش سابقيه، لا فرق أن نموت بأي منها، نحن الغلابى غرق الموت في أجسادنا، ونحاول أن نقاوم من أجل الحياة.