أثار إعلان المجلس الانتقالي الجنوبي الإدارة الذاتية في مناطق جنوب البلاد الكثير من الجدل وردود الفعل من البعض، ولعل أبرز تلك الردود هي الجنون الذي مس جماعة الإخوان المسلمين في اليمن "حزب الإصلاح"، وأدواته ومموليه الذين يرون أن هذا الإعلان يشكل خطراً حقيقياً على مصالحهم وطموحاتهم في استمرار نهب المحافظات الجنوبية وسلب مقدراتها والتحكم في إدارتها عبر قيادات فاسدة أثبتت الوقائع والأيام فشلها الذريع في إدارة شؤون تلك المحافظات رغم تدثرها بغطاء "الشرعية" وتحويله لشماعة لتنفيذ مخطط تمكين الجماعة الإخوانية وإقصاء كل الأطراف الأخرى.
كمواطن أعيش في شمال اليمن، وكغيري من الناس هنا لم يعد لأكاذيب الإصلاح وحملاته الإعلامية التشويهية والتضليلية أي تأثير بعد أن أصبحوا مكشوفين وبانت سوءتهم التي لطالما حاولوا تغطيتها وظهر قبحهم الذي دأبوا على تغطيته تارة باستخدام قناع الدين وتارة برفع شعارات وطنية خادعة، ومنها تقديم أنفسهم كمدافعين عن الوحدة اليمنية التي لطالما تنكروا لها وكانوا السبب الرئيس في تغيير المزاج العام في المحافظات الجنوبية ضد "الوحدة الاندماجية"، بالإضافة للمراوغة والتنصل الذي اعتاد عليه الإصلاح تجاه كل اتفاق يتم توقيعه بينهم كممثل محتكر لما تُسمى "الشرعية" وبين أي طرف آخر، ولم نر لهم أي مصداقية أو وفاء بعهد سواءً في تعز أو مارب أو الجنوب، وهذا يختلف كلياً عن موقفهم مع الحوثيين، حيث يظهر الإصلاح التزاماً شديداً تجاه أي تفاهم مع الانقلابيين في صنعاء، ويبادرون كثيراً وبشكل مكشوف لتسليم الحوثيين المناطق المحررة كما حدث في نهم والجوف.
على مدى أكثر من ستة أشهر ظل المجلس الانتقالي ينتظر خطوات ملموسة لتنفيذ اتفاق الرياض، ودوماً يعلن التزامه به واعترافه بالشرعية وقبوله بعودة الحكومة بعد إصلاح اختلالاتها ووقف هيمنة الإصلاح عليها وتحكمها في قراراتها وفقاً للاتفاق، لتتشكل حكومة وطنية من كل الأطراف التي قاتلت الحوثيين ونجحت في طردهم وكسر عنجهيتهم وبما يلبي طموحات الشعب وتحقق الأهداف الوطنية الكبرى وعلى رأسها توجيه بوصلة المعارك نحو صنعاء لتخليصها من قبضة المليشيا الحوثية، إلا أن كل ذلك الانتظار والالتزام تم مواجهته بحملات إعلامية "فاجرة" من قبل الإصلاح، رافضين أن يشارك أحد غيرهم في الحكومة وتصويب خلل الشرعية، ومصرين على اختلاق معارك عبثية وإطلاق تهديدات عنجهية تارة نحو شبوة وعدن، وأخرى تجاه الساحل الغربي، وكل ذلك يخدم حلفاءهم الحوثيين.
ما يجب علينا فهمه والتبصير به بأن الإدارة الذاتية لا تعني انفصالا أو جمهورية جديدة... ولكنها تعني إعلان إقليم الجنوب ذي حكم ذاتي في إطار الجمهورية اليمنية، كما هو الحال في مارب التي ترفض الالتزام بالشرعية وتنفذ أجندة الإصلاح فقط، وترفض منذ تحريرها توريد عائدات النفط والغاز لخزينة الدولة، مارب التي حولها الإصلاحيون لإمارة خاصة يمارسون فيها ساديتهم ضد كل معارض وناقد، وينهبون مواردها التي يسثمرونها في تركيا وماليزيا وغيرها من البلدان.
رسالة للإصلاح:
لا تجعلوا من أنفسكم أضحوكة ومنبوذين أكثر مما أنتم عليه، فزمن الشعارات الخادعة ولى، وما أعلنه المجلس الانتقالي مؤخراً سببه مماطلتكم في تنفيذ الاتفاقات الموقعة، وما إعلان الإدارة الذاتية "إقليم الجنوب"، إلا تقليداً لما أعلنتموه أنتم في إقليم "سبأ" وإلا قصدكم أن حقكم حق وحق الناس مرق.